قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ويجوز المسح على كل خف صحيح يمكن متابعة المشي عليه سواء كان من الجلود أو اللبود أو الخرق أو غيرها ، فأما الخف المخرق ففيه قولان قال في القديم : إن كان الخرق لا يمنع متابعة المشي عليه جاز المسح عليه لأنه خف يمكن متابعة المشي عليه فأشبه الصحيح ، وقال في الجديد : إن ظهر من الرجل شيء لم يجز المسح عليه لأن ما انكشف حكمه الغسل والجمع بينهما لا يجوز ، فغلب حكم الغسل كما لو انكشفت إحدى الرجلين واستترت الأخرى ) .
( الشرح ) اتفق أصحابنا على أنه لا يشترط في الخف جنس الجلود ، بل يجوز المسح على الجلود واللبود والخرق المطبقة والخشب وغيرها بشرط أن يكون صحيحا يمكن متابعة المشي عليه ; لأن سبب الإباحة الحاجة وهي موجودة في كل ذلك وهو نظير الاستنجاء بالأحجار . واتفق الأصحاب [ ص: 523 ] ونصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه على أنه يشترط في الخف كونه قويا يمكن متابعة المشي عليه قالوا : ومعنى ذلك أن المشي يمكن عليه في مواضع النزول وعند الحط والترحال وفي الحوائج التي يتردد فيها في المنزل وفي المقيم نحو ذلك كما جرت عادة لابسي الخفاف ، ولا يشترط إمكان متابعة المشي فراسخ ، هكذا صرح به أصحابنا
وأما المخرق ففيه أربع صور ( إحداها ) أن يكون الخرق فوق الكعب فلا يضر ويجوز المسح عليه بلا خلاف نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في الأم والمختصر وغيرهما واتفق عليه الأصحاب .
( الثانية ) يكون الخرق في محل الفرض وهو فاحش لا يمكن متابعة المشي عليه فلا يجوز المسح بلا خلاف .
( الثالث ) يكون في محل الفرض ولكنه يسير جدا بحيث لا يظهر منه شيء من محل الفرض قال أصحابنا : وذلك كمواضع الخرز فيجوز المسح بلا خلاف ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين وغيره : ما بقي من مواضع الخرز لا يضر وإن نفذ منه الماء .
( الرابعة ) يكون في محل الفرض يظهر منه شيء من الرجل ويمكن متابعة المشي عليه ففيه القولان المذكوران في الكتاب وهما مشهوران أصحهما ، أنه لا يجوز وهو نصه في الجديد وسواء حدث الخرق بعد اللبس أو كان قبله وسواء كان في مقدم الخف أو مؤخره أو وسطه . وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في المختصر : وإن تخرق من مقدم الخف شيء ، فليس مراده التقييد بالمقدم بل ذكره لكونه الغالب . كذا أجاب الماوردي عنه . وقال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والروياني : أراد موضع القدم ولم يرد المقدم الذي هو ضد المؤخر ، وأما قول المصنف : كما لو انكشفت إحدى الرجلين واستترت الأخرى فقياس صحيح وفيه تنبيه على مسألة مهمة من أصول الباب وهي أنه لو لبس خفا في رجل دون الأخرى ومسح عليه وغسل الأخرى لم يجز بلا خلاف وسنوضحها مقصودة بتفريعها في المسائل الزائدة في آخر الباب إن شاء الله تعالى والله أعلم