صفحة جزء
[ ص: 422 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجوز بيع العصير بالعصير إذا لم تنعقد أجزاؤه لأنه يدخر على صفته فجاز بيع بعضه ببعض ، كزبيب بالزبيب ) .


( الشرح ) عصير الشيء وعصارته ما انحلت منه ، ويقال عصير العنب : المعصور ، تقول : عصرت العنب أعصره فهو معصور وعصير ، واعتصرته استخرجت ما فيه ، وقيل : عصرته إذا وليت ذلك بنفسك ، واعتصرته إذا عصر لك خاصة ، حكى ذلك ابن سيده ، قال الأصحاب : العصير يكون من العنب والسفرجل وعصير التفاح وقصب السكر وغير ذلك ، فإذا بيع بعضه ببعض . فإن كانا جنسين كعصير العنب بعصير القصب . جاز متماثلا ومتفاضلا ، مطبوخا ونيئا ، وكيف كان يدا بيد ، وكذلك رب التمر برب العنب ، وعصير الرمان بعصير السفرجل ; وعصير التفاح بعصير اللوز ، نص الشافعي والأصحاب على جميع ذلك ، وهو يدل على أن العصير أجناس ، وهو المشهور ، وبه جزم المحاملي . ولما حكى الرافعي الوجه البعيد في أن الخلول والأدهان جنس واحد قال : ويجري مثله في عصير العنب مع عصير الرطب ، فعلى هذا لا يجوز التفاضل بينهما ، ولكن هذا الوجه إن ثبت فهو بعيد مردود ، وهذا إنما نذكره تجديدا للعهد بالنسبة إلى من قد يغفل عنه ، ومقصود المصنف رحمه الله تعالى هذه المسائل كلها ليس إلا الجنس الواحد ، فإذا بيع العصير بالعصير من جنسه متماثلين كعصير العنب بعصير العنب وعصير التفاح بعصير التفاح ، وعصير السفرجل بعصير السفرجل ، وعصير الرمان بعصير الرمان ، وعصير الرطب بعصير الرطب ، وعصير قصب السكر بعصير قصب السكر وعصير سائر الثمار بجنسه . [ ص: 423 ]

( قلت ) هكذا ذكر جماعة من الأصحاب عصير الرطب ، وظني أن الرطب لا عصير له ، والكلام في ذلك إن فرض ، وسيأتي تنبيه في مسألة الخلول على ما وقع في كلام بعض الأصحاب في خل الرطب ، مما يجب التنبيه عليه ، فإن كانا مطبوخين أو أحدهما مطبوخا فقد تقدم حكمه ، وأنه لا يجوز وإن كانا نيئين . وهو مقصود المصنف . جاز ، وبه جزم ابن القاص والشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والمحاملي والقفال والإمام ، لما ذكره المصنف ، ولأن كمال منفعته في تلك الحالة ، فإنه يصلح لكل ما يراد منه من الدبس والرب وغيرهما ، فكان كاللبن باللبن . وحكى الرافعي وجها أنه لا يجوز ، وأن العصير ليس بحالة كمال والأصح عند الرافعي وغيره الأول قال القاضي حسين : في بيع العصير بالعصير . يعني عصير العنب بعصير العنب كنت أقول قبل هذا : إنه يجوز ، وفي الآن عندي أنه لا ، لأنهما ما اتفقا في حال الكمال ، وكلام القاضي هذا يجري في جمع العصير ، لا فرق بين عصير وعصير في ذلك ، وقد ذكر الروياني في عصير . الرطب بعصير الرطب ولا ماء فيهما وجهين ( أحدهما ) لا كالرطب بالرطب ( والثاني ) يجوز كاللبن باللبن وهكذا عصير الثمار من الرمان والتفاح وغيرهما ومراده ما يشمل عصير العنب وغيره ، وهو إشارة إلى وجه القاضي حسين أو من وافقه ، والله أعلم .

( فرع ) قال الشافعي في الأم في باب المزابنة الذي قبل كتاب الصلح : ولا يجوز بيع الجلجلان بالشبرق إلى أجل ، ولا يدا بيد وفسر الأصحاب ، وأهل اللغة الجلجلان بالسمسم وقال الجوهري أنه ثمرة الكزبرة ، وقال أبو الغوث هو السمسم في قشره قبل أن يحصد ، وأما الشبرق فقال ابن فارس : إنه نبت وقال الجوهري : وهو رطب الضريع

( فرع ) إذا بيع العصير بالعصير ، فالمعتبر في معياره الكيل ، جزم به المحاملي والشيخ أبو محمد والرافعي والنووي .

( فرع ) قول المصنف رحمه الله : ( إذا لم تنعقد أجزاؤه ) يفهم أنه إذا حمي بالنار اللطيفة بحيث لا تنعقد أجزاؤه ، يجوز بيع بعضه ببعض .

التالي السابق


الخدمات العلمية