صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن باع الزبد بالزبد ففيه وجهان ( أحدهما ) يجوز كما يجوز بيع السمن بالسمن واللبن باللبن ( والثاني ) لا يجوز ; لأن الزبد فيه لبن فيكون بيع لبن وزبد بلبن وزبد ) .


( الشرح ) جزم الشيخ أبو حامد والمحاملي بأنه لا يجوز بيع الزبد بالزبد لما ذكره المصنف في تعليل ذلك ; ولأنهما أيضا على غير حالة الادخار ، وجزم في تعليق الطبري عن ابن أبي هريرة بالجواز ، وأبو الطيب حكى الوجهين كما حكاهما المصنف والصيمري وابن الصباغ والرافعي والقاضي حسين والإمام حكاية عن الصيدلاني ، فأحد الوجهين الجواز ، قال الماوردي : وهو أصح عندي ، وبه قال ابن أبي هريرة كما تقدم عن تعليقه ; لأن ما في الزبد من بقايا اللبن غير مقصود ، فكان كالنوى في التمر وبيع الحليب بالحليب ، وقال الفوراني والروياني : إن قول المنع حكاه القاضي أبو حامد المروروذي عن الشافعي . والأكثرون إنما حكوا ذلك وجهين ، والأصح عند الرافعي المنع ; لأن ما فيه من المخيض يمنع المماثلة ، وهو قريب مما علل به المصنف ، وشبه الإمام ذلك ببيع الشهد بالشهد فإن صفات السمن لائحة من الزبد كما العسل في الشهد بخلاف اللبن باللبن ، فإنه في مدرك الجنس كالجنس الواحد ( فإن قلت : ) الرغوة التي في الزبد غير مقصودة ( قلت : ) وإن لم تكن مقصودة إلا أنها تؤثر في التماثل والجنس متحد ، فيصير كبيع حنطة بحنطة [ ص: 456 ] مشتملة على حبات من الشعير تؤثر في الكيل ، فإن ذلك باطل ، وإن لم تكن الحبات من الشعير مقصودة لأجل اتحاد الجنس . والمراد بالزبد إذا كان من جنس واحد كزبد الغنم بزبد الغنم ، فلو اختلف الجنس جاز . قاله الصيمري وغيره ، وما في كل منهما من اللبن والرغوة غير مقصود ; والمماثلة غير واجبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية