صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن كسر منه قدرا يمكنه الوقوف على العيب بأقل منه ففيه طريقان ( أحدهما ) لا يجوز الرد قولا واحدا ; لأنه نقص حدث بمعنى لا يحتاج إليه لمعرفة العيب فمنع الرد كقطع الثوب ( والثاني ) أنه على القولين ; لأنه يشق التمييز بين القدر الذي يحتاج إليه في معرفة العيب وبين ما زاد عليه فسوى بين القليل والكثير ) .


( الشرح ) الطريقة الأولى : هي المذهب كذلك قال الشيخ أبو حامد وغيره وحكاه الماوردي عن أبي حامد المروزي ، وجمهور [ ص: 516 ] أصحابنا . والطريقة الثانية : حكاها أبو إسحاق المروزي عن بعض أصحابنا . فإذا قلنا : بالطريقة الأولى فذلك كسائر العيوب الحادثة كذلك قاله الرافعي أي فيأتي فيه ما تقدم من الخلاف عند التنازع إذا دعي أحدهما إلى الأرش القديم والآخر إلى خلافه ( وإن قلنا ) بالثانية فعلى ما تقدم إذا لم يزد في الكسر حرفا بحرف . ( فروع ) إذا عرفت هذا قال أصحابنا : مكسور الجوز ونحوه . ونقب الرانج من صور الحال الأول الذي لا يقف على العيب بدونه ، وكسر الرانج وترصيص بيض النعام من صور الحال الثاني الذي يمكنه الوقوف على العيب بأقل منه . وكذا تقوير البطيخ الحامض إذا أمكن معرفة حموضته بغرز شيء فيه ، وكذا التقوير الكبير إذا أمكن معرفته بالتقوير الصغير ، والتدويد لا يعرف إلا بالتقوير وقد يحتاج إلى الشق ليعرف . وقد يستغنى في معرفة حال البيض بالقلقلة على الكسر . قال القاضي حسين وغيره : والرمان بمطلقه لا يقتضي حلاوة ولا حموضة ، فإذا شرط فيه الحلاوة فبان حامضا بالغرز رد ، وإن بان بالشق فلا .

( فرع ) روي أن مولى لعمرو بن حريث الصحابي اشترى لعمرو بن حريث بيضا من بيض النعام أربعا أو خمسا فلما وضعهن بين يدي عمرو بن حريث كسر واحدة فإذا هي فاسدة ، ثم ثانية ، ثم ثالثة ، حتى تتابع منهن فاسدات ، فطلب الأعرابي يخاصمه إلى شريح ، فقال شريح : أما ما كسر فهو ضامن له بالثمن الذي أخذه به وأما ما بقي فأنت يا أعرابي بالخيار إن شئت كسروا فما وجدوا فاسدا ردوه . وما وجدوه طيبا فهو بالسعر الذي بعتهم به . وأخذ بعض الناس من هذا أن عمرو بن حريث رضي الله تعالى عنه كان رأيه جواز الرد .

التالي السابق


الخدمات العلمية