صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن وهبه بغير عوض لم يرجع بالأرش ; لأنه لم ييأس من الرد )


( الشرح ) هذا هو الصحيح تفريعا على أن المعتبر اليأس ، أما إذا عللنا باستدراك الظلامة فيرجع بالأرش ; لأنه لم يستدرك ، ومنهم من حكى القطع هنا بعدم الرجوع إذا أريد أن العلة هي اليأس لاستدراك الظلامة ، وهذه الطريقة هي التي يشعر بها إيراد المصنف ، وبين ذلك أن القاضي أبا الطيب جزم بعدم الرجوع ، وعلله بعدم اليأس كما فعل المصنف ثم قال : والتعليل الذي ذكره أبو إسحاق وهو استدراك الظلامة غير موجود ههنا ، وإذا كان كذلك دل على أن هذا التعليل هو الصحيح دون ما قاله أبو إسحاق . وكذلك الشيخ أبو حامد قال قوم من هذا الكلام . والروياني صرح في البحر بأن أبا إسحاق وافقنا على [ ص: 539 ] عدم الأرش هنا ، واستدل بذلك على بطلان علته ، لكن المحاملي صرح بأنه على تعليل أبي إسحاق له الأرش ; لأنه لم يستدرك الظلامة ، والماوردي أيضا صرح بالوجهين على مقتضى التعليلين . وحكى الروياني ذلك عن بعض الأصحاب . وهذه الطريقة أقوم إلا أن يكون أبو إسحاق صرح النقل عنه بذلك فيلزمه . وهاتان الطريقتان على القول المشهور أنه إذا باع لا يرجع بالأرش ، أما على ما خرجه ابن سريج من أنه يرجع فيرجع ههنا أيضا . كذلك صرح به الرافعي ( تنبيه ) الهبة قد يسمى فيها عوض ، ولا شك أن حكمها حكم البيع كما تقدم والهبة التي لا يسمى فيها عوض لنا في اقتضائها الثواب قولان . ( فإن قلنا ) لا تقتضي الثواب اتجه ما قاله المصنف ، والتفريع المذكور من الأصحاب ( وإن قلنا ) تقتضي الثواب فهي بمنزلة البيع . كذلك قاله القاضي أبو الطيب والمحاملي والماوردي خرجوا ذلك على الخلاف المذكور ، ولم يقولوا كما قال المصنف : إما أن تكون بعوض أو لا . والشيخ أبو حامد فعل كما فعله المصنف ، فلك في كلام المصنف طريقان . إما أن تقول : إنا إذا قلنا باقتضاء الهبة المطلقة الثواب صارت بعوض ، فدخلت في قوله الأول : إن الهبة بعوض ولم تدخل في قوله ههنا بغير عوض ، وأما أن تقول : إن قوله ههنا مفرع على المذهب في عدم اقتضاء الهبة الثواب . ( فرع ) قال صاحب التهذيب : قال بعض أصحابنا : لو كان وهبه من ابنه فلا يرجع ، لأنه يمكنه أن يرجع في الهبة ثم يرد كما لو لم يخرج عن ملكه ، قال : والصحيح أنه خارج عن ملكه ( قلت ) يعني أن بعض أصحابنا أشار إلى أنه لا يرجع بالأرش قولا واحدا ولا يخرج على المعنيين ، والصحيح أنه يخرج عليهما فلا يرجع على الصحيح ، ويرجع على قول أبي إسحاق ، وسنزيد لك أن للقطع [ ص: 540 ] في هذه المسألة مأخذا آخر ، ويصلح ذلك أن يكون جوابا لأبي إسحاق عن اعتراض الأصحاب عائد بهذه المسألة ، لكن في صورة واحدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية