صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن اشترى عبدا مرتدا فقتل في يده ، ففيه وجهان في قول أبي إسحاق ينفسخ البيع ويرجع بالثمن ، وعلى قول أبي العباس وأبي علي بن أبي هريرة إن كان قد علم بالردة لم يرجع بالأرش ، وإن لم يعلم رجع بالأرش ووجههما ما ذكرناه في الجاني عمدا )


( الشرح ) بيع العبد المرتد صحيح على المذهب كبيع العبد المريض المشرف على الهلاك ، وعن الشيخ أبي علي حكاية وجه أنه لا يصح تخريجا من الخلاف في العبد الجاني ، والمشهور القطع بالأول ، وكذلك يقاس الجاني عليه وقد تقدمت الإشارة إلى الفرق ، لأن رقبة الجاني مستحقة لآدمي وله العفو على مال فكأن تعلق المال حاصل بخلاف المرتد ، وقال القاضي حسين : إن الوجه المذكور خطأ ; لأن الشافعي نص أن رهن المرتد والقاتل جائز ، فإذا فرعنا على صحته فقتل قبل القبض انفسخ العقد على ما تقدم ، وإن قتل في يد المشتري بالردة السابقة فعلى الخلاف المتقدم في الجاني على قول أبي إسحاق وابن الحداد ، والمنصوص للشافعي ، ينفسخ البيع ويرجع بالثمن إن كان المشتري جاهلا بردته . وفيما إذا كان عالما وجهان ، رأي المصنف والشيخ أبي حامد وأبي إسحاق أنه كذلك ، ولهذا أطلق هنا ، ورأي ابن الحداد وهو [ ص: 606 ] الأصح على ما تقدم أنه لا ينفسخ البيع ، ولا يرجع بشيء . قال الإمام : كان يقرب من ذلك الوجه ، يعني الذي يقول بأنه ينفسخ مطلقا كما يقوله المصنف أن يقال بالوقف حتى يقال إن قتل المرتد تبينا أن بيعه لم يصح ، وإن عاد إلى الإسلام تبينا الصحة ، قال : ولم أر ذلك لأحد ( وأما ) على قول ابن سريج وابن أبي هريرة ، فإن كان علم بالردة لم يرجع بالأرش ، لأنها عيب رضي بها ، وإن لم يعلم رجع ، كتعذر الرد ، فيرجع بأرش العيب القديم كسائر العيوب ، فيتقوم مرتدا وغير مرتد ، ويرجع بما بينهما منسوبا من الثمن ، قال الأصحاب : فإن قيل : المرتد قتل لإقامته على الردة ، وذلك حادث في يد المشتري ( فالجواب ) أنه إنما قتل بالردة السابقة ; لأنه لو قتله إنسان قبل الاستبانة لم يضمنه فإقامته على الردة لم توجب القتل لكن استيفاء ما وجب عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية