صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن قتل العبد في المحاربة وانحتم قتله فقد ذكر الشيخ أبو حامد الإسفراييني رحمه الله في التعليق : إن البيع باطل ; لأنه لا منفعة فيه ، لأنه مستحق القتل ، فلا يصح بيعه كالحشرات . وقال شيخنا القاضي أبو الطيب : يصح بيعه ; لأن فيه منفعة ، وهو أن يعتقه فصح بيعه كالزمن ، فعلى هذا إذا قتل في يد المشتري فحكمه حكم القاتل عمدا في غير المحاربة ، وقد بيناه ) .


الشرح إذا قتل في المحاربة فإن تاب قبل أن يقدر عليه فالقود ههنا متحتم بل هو إلى ولي الدم والحكم فيه على ما تقدم في جناية العبد ، وإن قدر عليه قبل أن يتوب وقلنا : تسقط العقوبة بالتوبة بعد الظفر فكذلك ( فإن قلنا ) لا تسقط فثلاث طرق ( إحداها ) قال الشيخ أبو حامد : لا يجوز البيع قولا واحدا ; لأن قتله محتم ويفارق المريض والمرتد والقاتل في غير المحاربة لرجاء برء المريض وإسلام المرتد والعفو عن القاتل ووافقه المحاملي في المجموع ، ونسب الرافعي هذه الطريقة إلى اختيار الشيخ وطبقته ، ونسبه الإمام وغيره إلى أبي عبد الله الحسين بعدم المنفعة ، بل يتحتم [ ص: 607 ] القتل فجاز أن يقول : منفعة هذه مع كونه غير باق ألا يتخلص به لعبادة الله تعالى غير مقصودة وأما الدين فإنه باق يتخلص بالعتق للعبادة ، ومنافع الدنيا والأخرة ، واختار ابن أبي عصرون ما قاله الشيخ أبو حامد ، وقطع به في المرشد وقال : جواز عتقه لا يستدل به على جواز بيعه ، بدليل الآبق والمجهول ، والمعنى فيه أن في العتق قوة وسراية . ( الطريقة الثانية ) ما قاله القاضي أبو الطيب : إنه كبيع الجاني يعني عمدا فيصح على الأصح وتوجيهها ما ذكره المصنف أنها الأظهر عند كثير من الأئمة أن بيعه كبيع المرتد ، ولا شك أنها أظهر مما قاله القاضي أبو الطيب ; لأن جناية العمد قد تصير إلى المال بخلاف هذا ، لكن يرد على إلحاقه بالمرتد ما قدمته من أن المرتد مرجو البقاء بالإسلام ، بخلاف المحارب الذي تحتم قتله أنه لا شك أنه أولى بالمنع منه ، ويبقى النظر في منفعة العتق في هذه الحالة ، هل هي مقصودة مما يتوصل إليها بالأغراض ؟ فتكون كبيع المرتد المشهور بصحته ، ويأتي فيه ما حكاه الشيخ أبو علي وأن مثل هذه المنفعة لا تعتبر فيقوى ما قاله الشيخ أبو حامد ، وفيه نظر والأقرب الأول ; لأن العتق كيفما كان فيه أجر ، والأجر مقصود متوصل إليه بالأموال فعلى طريقة أبي الطيب يكون حكمه حكم القاتل عمدا في غير المحاربة ، وقد تقدم تفصيله ، وعلى الطريقة التي قال الرافعي : إنها أظهر عند كثير من الأئمة يكون كالمرتد ، وقد تقدم أيضا وعلى طريقة الشيخ أبي حامد البيع باطل ولا كلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية