صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب أن يقول " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال ذلك ) .


[ ص: 89 ] الشرح ) حديث أنس هذا رواه البخاري ومسلم ، قال الخطابي : الخبث بضم الباء جماعة الخبيث والخبائث جمع الخبيثة يريد ذكور الشياطين وإناثهم قال : وعامة المحدثين يقولون : خبث وهو غلط والصواب الضم ، وهذا الذي غلطهم الخطابي فيه ليس بغلط بل إنكار تسكين الباء وشبهه غلط ، فإن التسكين في هذا وشبهه جائز تخفيفا بلا خلاف عند أهل النحو والتصريف ، وهو باب معروف عندهم فمن ذلك كتب ورسل وعنق وأشباهها مما هو على ثلاثة أحرف مضموم الأول والثاني ، ولعل الخطابي أراد أنه ليس ساكنا في الأصل ، ولم يرد إنكار الإسكان تخفيفا ، ولكن عبارته موهمة ، وقد صرح جماعة من أئمة هذا الفن بإسكان الباء منهم أبو عبيد القاسم بن سلام إمام هذا الفن ، واختلف الذين رووه ساكن الباء في معناه فقيل : الخبث الشر ; وقيل : الكفر ، وقيل : الشيطان ، والخبائث : المعاصي . قال ابن الأعرابي : الخبث في كلام العرب المكروه ، فإن كان من الكلام فهو الشتم ، وإن كان من الملل فهو الكفر ; وإن كان من الطعام فهو الحرام ، وإن كان من الشراب فهو الضار . وقوله : " إذا دخل الخلاء " أي إذا أراد دخوله وكذا جاء مصرحا به في رواية للبخاري ، وهذا الذكر مجمع على استحبابه ، وسواء فيه البناء والصحراء ; وقول المصنف " يقول : باسم الله ويقول : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " فيه إشارة إلى أنه يستحب أن يقدم التسمية ، وهكذا صرح به إمام الحرمين والغزالي والروياني والشيخ نصر وصاحبا العدة والبيان وآخرون ، وقد جاء في رواية من حديث أنس هذا : " بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " ويخالف هذا التعوذ في الصلاة والقراءة فإنه يقدم على البسملة ; لأن التعوذ هناك للقراءة والبسملة من القرآن فقدم التعوذ عليها بخلاف هذا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية