صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإذا بال تنحنح حتى يخرج إن كان هناك شيء ، ويمسح ذكره مع مجامع العروق ثم ينتره ) .


[ ص: 106 ] الشرح ) قوله ينتره بفتح أوله وضم ثالثه ، والنتر جذب بجفاء كذا قاله أهل اللغة واستنثر إذا جذب بقية بوله عند الاستنجاء ، قال الشافعي رحمه الله في الأم . يستبرئ البائل من البول لئلا يقطر عليه قال " وأحب إلي أن يقيم ساعة قبل الوضوء وينتر ذكره " هذا لفظ نصه ، وكذا قال جماعات يستحب أن يصبر ساعة يعنون لحظة لطيفة . وقال الماوردي والروياني وغيرهما : يستحب أن ينتر ثلاثا مع التنحنح ، وقال جماعة منهم الروياني : ويمشي بعده خطوة أو خطوات . وقال إمام الحرمين ويهتم بالاستبراء فيمكث بعد انقطاع البول ويتنحنح ، قال : وكل أعرف بطبعه . قال : والنتر ما ورد به الخبر وهو أن يمر أصبعا ليخرج بقية إن كانت ، والمختار : أن هذا يختلف باختلاف الناس ، والمقصود أن يظن أنه لم يبق في مجرى البول شيء يخاف خروجه ، فمن الناس من يحصل له هذا المقصود بأدنى عصر ومنهم من يحتاج إلى تكراره ومنهم من يحتاج إلى تنحنح ومنهم من يحتاج إلى مشي خطوات ، ومنهم من يحتاج إلى صبر لحظة ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا ، وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة . قال أصحابنا : وهذا الأدب وهو النتر والتنحنح ونحوهما مستحب ، فلو تركه فلم ينتر ولم يعصر الذكر واستنجى عقيب انقطاع البول ثم توضأ فاستنجاؤه صحيح ووضوءه كامل ; لأن الأصل عدم خروج شيء آخر ، قالوا : والاستنجاء يقطع البول فلا يبطل استنجاؤه ووضوءه إلا أن يتيقن خروج شيء . واحتج جماعة في هذا الأدب بما روى يزداد ، وقيل أزداد بن فساءة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات } " رواه أحمد وأبو داود في المراسيل وابن ماجه والبيهقي واتفقوا على أنه ضعيف . وقال الأكثرون : هو مرسل ، ولا صحبة ليزداد ، وممن نص على أنه لا صحبة له البخاري في تاريخه وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وأبو داود [ ص: 107 ] وأبو أحمد بن عدي الحافظ وغيره . وقال يحيى بن معين وغيره لا نعرف يزداد فالتعويل على المعنى الذي ذكره الأصحاب ، ويزداد بزاي ثم دال مهملة ثم ألف ثم ذال معجمة ، وفساءة بالفاء والسين المهملة المخففة وبالمد .

( فرع ) قال أصحابنا : يكره حشو الذكر بقطنة ونحوها ، وصرح به المتولي والروياني والرافعي ونقله الروياني عن الأصحاب والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية