صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( والذي يوجب الغسل إيلاج الحشفة في الفرج ، وخروج المني ، والحيض ، والنفاس ، فأما إيلاج الحشفة فإنه يوجب الغسل لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { إذا التقى الختانان وجب الغسل } " والتقاء الختانين يحصل بتغييب الحشفة في الفرج ، وذلك أن ختان الرجل هو الجلد الذي يبقى بعد الختان ، وختان المرأة جلدة كعرف الديك فوق الفرج ، فتقطع منها في الختان ، فإذا غابت الحشفة في الفرج حاذى ختانه ختانها ، وإذا تحاذيا فقد التقيا ، ولهذا يقال : التقى الفارسان إذا تحاذيا وإن لم يتضاما ) .


( الشرح ) حديث عائشة صحيح رواه مسلم بمعناه ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان وجب الغسل } " هذا لفظ مسلم ، رواه الشافعي وغيره بلفظه في المهذب وإسناده أيضا صحيح ، وفي المسألة أحاديث كثيرة ، سأذكرها إن شاء الله تعالى في فرع مذاهب العلماء ; وأما قول المصنف : والتقاء الختانين يحصل بتغييب الحشفة إلى آخره ، فهو لفظ الشافعي رحمه الله ، وتابعه عليه الأصحاب ، وبين الشيخ أبو حامد فرج المرأة ، والتقاء الختانين بيانا شافيا فقال هو وغيره : ختان الرجل هو الموضع الذي يقطع منه في حال الختان وهو ما دون حزة الحشفة . [ ص: 149 ]

وأما ختان المرأة - فاعلم - أن مدخل الذكر هو مخرج الحيض والولد والمني ، وفوق مدخل الذكر ثقب مثل إحليل الرجل ، هو مخرج البول ، وبين هذا الثقب ومدخل الذكر جلدة رقيقة ، وفوق مخرج البول جلدة رقيقة مثل ورقة بين الشفرين ، والشفران تحيطان بالجميع ، فتلك الجلدة الرقيقة يقطع منها في الختان وهي ختان المرأة ; فحصل أن ختان المرأة مستعل ، وتحته مخرج البول ، وتحت مخرج البول مدخل الذكر . قال البندنيجي وغيره : ومخرج الحيض الذي هو مخرج الولد ومدخل الذكر هو خرق لطيف ، فإذا افتضت البكر اتسع ذلك الخرق فصارت ثيبا . قال أصحابنا : فالتقاء الختانين أن تغيب الحشفة في الفرج ، فإذا غابت فقد حاذى ختانه ختانها ، والمحاذاة هي التقاء الختانين ، وليس المراد بالتقاء الختانين التصاقهما وضم أحدهما إلى الآخر ، فإنه لو وضع موضع ختانه على موضع ختانها ، ولم يدخله في مدخل الذكر لم يجب غسل بإجماع الأمة ، هذا كلام الشيخ أبي حامد وغيره ، زيد بعضهم على بعض . قال صاحب الحاوي : وشبه العلماء الفرج بعقد الأصابع خمسة وثلاثين ، فعقد الثلاثين هو صورة الفرج وعقد الخمسة بعدها في أسفلها هي مدخل الذكر ومخرج المني والحيض والولد ، والله أعلم .

( أما حكم المسألة ) فالذي يوجب اغتسال الحي أربعة متفق عليها ; وهي إيلاج حشفة الذكر في فرج ، وخروج المني والحيض والنفاس ، وفي خروج الولد والعلقة والمضغة خلاف نذكره إن شاء الله تعالى قريبا ، ولم يذكره المصنف هنا وسنذكره قريبا . وإنما لم يذكره لأنه مندرج عنده في خروج المني ; لأنه مني منعقد . ويجب غسل الميت وله باب معروف ، وقد يجب غسل البدن بعارض بأن يصيبه كله نجاسة ، أو تقع في موضع منه ويخفى مكانها . أما إيلاج الحشفة فيوجب الغسل بلا خلاف عندنا ، والمراد بإيلاجها إدخالها بكمالها في فرج حيوان آدمي أو غيره ، قبله أو دبره ، ذكر أو أنثى ، حي أو ميت ، صغير أو كبير ، فيجب الغسل في كل ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية