صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن كان لها ضفائر فإن كان يصل الماء إليها من غير نقض لم يلزمها نقضها ، { لأن أم سلمة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنفضه للغسل من الجنابة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 216 ] لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي عليك الماء ، فإذا أنت قد طهرت } " وإن لم يصل الماء إليها إلا بنقضها لزمها نقضها ، لأن إيصال الماء إلى الشعر والبشرة واجب ) .


( الشرح ) حديث أم سلمة رواه مسلم بهذا اللفظ ، وتقدم بيان اسمها وحالها في الباب السابق وقولها : أشد ضفر رأسي هو بفتح الضاد وإسكان الفاء ، هكذا ضبطه الأئمة المحققون ، قال الخطابي وصاحب المطالع معناه أشد فتل شعري ، وأدخل بعضه في بعض وأضمه ضما شديدا ، يقال ضفرته إذا فعلت به ذلك وذكر الإمام ابن بري - في جزء له في لحن الفقهاء - أن هذا الضبط لحن وأن صوابه ضفر بضم الضاد والفاء جمع ضفيرة كسفينة وسفن ، وهذا الذي قاله خلاف ما قاله المحققون والمتقدمون ورأيت لابن بري في هذا الجزء أشياء كثيرة يعدها من لحن الفقهاء وتصحيفهم وليست كما قال ، وقد أوضحت كثيرا من ذلك في تهذيب الأسماء واللغات . قال الأزهري : الضفائر والضمائر والغدائر بالغين المعجمة هي الذوائب ، إذا أدخل بعضها في بعض نسجا ، واحدتها ضفيرة وضميرة وغديرة ، فإذا لويت فهي عقائص واحدتها عقيصة .

( أما حكم المسألة ) فهذا الذي ذكره المصنف من الفرق بين وصول الماء بغير نقض وعدم وصوله متفق عليه عندنا ، وبه قال جمهور العلماء وحملوا حديث أم سلمة على أنه كان يصل بغير نقض ، ودليله ما ذكره المصنف أن الواجب إيصال الماء فكان الاعتبار به ، وكذا المغتسلة من حيض ونفاس وللجمعة وغيرها من الأغسال المشروعة ، وحكى أصحابنا عن النخعي وجوب نقضها مطلقا ، وحكى ابن المنذر عن الحسن وطاوس أنه لا تنقضها في الجنابة وتنقض في الحيض ، وبه قال أحمد لكن اختلف أصحابه هل النقض واجب ؟ أم مستحب ؟ دليلنا ما سبق . قال الشافعي : وأستحب أن تغلغل الماء في أصول الشعر وأن تغمر ضفائرها . قال أصحابنا : ولو كان لرجل شعر مضفور فهو كالمرأة في هذا والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية