صفحة جزء
( 1273 ) مسألة : قال : ( وإذا دخل مع مقيم ، وهو مسافر ، ائتم ) . وجملة ذلك أن المسافر متى ائتم بمقيم ، لزمه الإتمام ، سواء أدرك جميع الصلاة أو ركعة ، أو أقل . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن المسافر ، يدخل في تشهد المقيمين ؟ قال : يصلي أربعا .

وروي ذلك عن ابن عمر ، وابن عباس ، وجماعة من التابعين . وبه قال الثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي وقال إسحاق : للمسافر القصر ; لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين ، فلم تزد بالائتمام ، كالفجر . وقال طاوس ، والشعبي ، وتميم بن حذلم ، في المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعتين : يجزيان

وقال الحسن ، والنخعي ، والزهري ، وقتادة ، ومالك : إن أدرك ركعة أتم ، وإن أدرك دونها قصر ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة } . ولأن من أدرك من الجمعة ركعة أتمها جمعة ، ومن أدرك أقل من ذلك ، لا يلزمه فرضها .

ولنا ، ما روي عن ابن عباس ، أنه قيل له : { ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الانفراد ، وأربعا إذا ائتم بمقيم ؟ فقال : تلك السنة . } رواه أحمد ، في " المسند "

وقوله : السنة . ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولأنه فعل من سمينا من الصحابة ، ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفا . قال نافع : كان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلاها أربعا ، وإذا صلى وحده صلاها ركعتين . رواه مسلم . ولأن هذه صلاة مردودة من أربع إلى ركعتين ، فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة

وما ذكره إسحاق لا يصح عندنا ; فإنه لا تصح له صلاة الفجر خلف من يصلي الرباعية ، وإدراك الجمعة يخالف ما نحن فيه ، فإنه لو أدرك ركعة من الجمعة رجع إلى ركعتين ، وهذا بخلافه . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه } . ومفارقة إمامه اختلاف عليه ، فلم يجز مع إمكان متابعته . وإذا أحرم المسافرون خلف مسافر فأحدث ، واستخلف مسافرا آخر ، فلهم القصر ; لأنهم لم يأتموا بمقيم .

وإن استخلف مقيما ، لزمهم الإتمام ; لأنهم ائتموا بمقيم ، وللإمام الذي أحدث أن يصلي صلاة المسافر ; لأنه لم يأتم بمقيم . ولو صلى [ ص: 64 ] المسافرون خلف مقيم ، فأحدث واستخلف مسافرا أو مقيما ، لزمهم الإتمام ; لأنهم ائتموا بمقيم ، فإن استخلف مسافرا لم يكن معهم في الصلاة ، فله أن يصلي صلاة السفر ; لأنه لم يأتم بمقيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية