صفحة جزء
( 1285 ) مسألة : قال : ( وإن قال اليوم أخرج ، وغدا أخرج . قصر ، وإن أقام شهرا ) وجملة ذلك أن من لم يجمع الإقامة مدة تزيد على إحدى وعشرين صلاة ، فله القصر ، ولو أقام سنين ، مثل أن يقيم لقضاء حاجة يرجو نجاحها ، أو لجهاد عدو ، أو حبسه سلطان أو مرض ، وسواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة ، أو كثيرة ، بعد أن يحتمل انقضاؤها في المدة التي لا تقطع حكم السفر .

قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر ما لم يجمع إقامة ، وإن أتى عليه سنون . وقد روى ابن عباس ، قال { : أقام النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين . } رواه البخاري . وقال جابر : { أقام النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة } . رواه الإمام أحمد في " مسنده " . وفي حديث عمران بن حصين ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام [ ص: 68 ] بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين } رواه أبو داود .

وروي عن عبد الرحمن بن المسور ، عن أبيه ، قال : أقمنا مع سعد بعمان أو سلمان ، فكان يصلي ركعتين ، ويصلي أربعا ، فذكرنا ذلك له . فقال : نحن أعلم رواه الأثرم .

وروى سعيد ، بإسناده عن المسور بن مخرمة ، قال : أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ، ونتمها . وقال نافع : أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين ، وقد حال الثلج بينه وبين الدخول . وعن حفص بن عبد الله : أن أنس بن مالك أقام بالشام سنتين يصلي صلاة المسافر . وقال أنس : أقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برامهرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة .

وعن الحسن ، عن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : أقمت معه سنتين بكابل يقصر الصلاة ، ولا يجمع . وقال إبراهيم : كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك ، وبسجستان السنتين ، يجمعون ولا يصومون ، وقد ذكرنا عن علي رضي الله عنه أنه قال : ويقصر إذا قال : اليوم أخرج ، غدا أخرج - شهرا . وهذا مثل قول الخرقي ، ولعل الخرقي - رحمه الله - إنما قال ذلك اقتداء به ، ولم يرد أن نهاية القصر إلى شهر ، وإنما أراد أنه لا نهاية للقصر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية