صفحة جزء
( 1288 ) فصل : ولا بأس بالتطوع نازلا وسائرا على الراحلة ; لما روى ابن عمر ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه . } وكان ابن عمر يفعله . وروي نحو ذلك عن جابر ، وأنس . متفق عليهن . وروت أم هانئ بنت أبي طالب ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها ، فصلى ثماني ركعات } . متفق عليه . وعن علي رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتطوع في السفر . } رواه سعيد . ويصلي ركعتي الفجر والوتر ; لأن ابن عمر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على بعيره ولما نام النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ، صلى ركعتي الفجر قبلها . متفق عليهما .

فأما سائر السنن والتطوعات قبل الفرائض وبعدها ، فقال أحمد : أرجو أن لا يكون بالتطوع في السفر بأس .

وروي عن الحسن ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون ، فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها . وروي ذلك عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وجابر ، وأنس ، وابن عباس ، وأبي ذر ، وجماعة من التابعين كثير ، وهو [ ص: 69 ] قول مالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وابن المنذر .

وكان ابن عمر لا يتطوع مع الفريضة قبلها ولا بعدها ، إلا من جوف الليل ، ونقل ذلك عن سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وعلي بن الحسين ; لما روي أن ابن عمر رأى قوما يسبحون بعد الصلاة . فقال : لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي ، يا ابن أخي : { صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله . وذكر عمر ، وعثمان ، وقال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } } متفق عليه .

ووجه الأول ما روي عن ابن عباس ، قال : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الحضر ، فكنا نصلي قبلها وبعدها ، وكنا نصلي في السفر قبلها وبعدها . } رواه ابن ماجه . وعن أبي بصرة الغفاري ، عن البراء بن عازب ، قال : { صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا ، فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر } . رواه أبو داود .

وحديث الحسن عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرناه . فهذا يدل على أنه لا بأس بفعلها ، وحديث ابن عمر يدل على أنه لا بأس بتركها ، فيجمع بين الأحاديث ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية