صفحة جزء
( 1292 ) مسألة : قال : ( وأخذ المؤذنون في الأذان ، وهذا الأذان الذي يمنع البيع ، ويلزم السعي ، إلا لمن منزله في بعد ، فعليه أن يسعى في الوقت الذي يكون به مدركا للجمعة ) أما مشروعية الأذان عقيب صعود الإمام فلا خلاف فيه ، فقد كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم قال السائب بن يزيد : { كان النداء إذا صعد الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان كثر الناس ، فزاد النداء الثالث على الزوراء } . رواه البخاري .

وأما قوله : " هذا الأذان الذي يمنع البيع ويلزم السعي فلأن الله تعالى أمر بالسعي ، ونهى عن البيع بعد النداء ، بقوله سبحانه : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } والنداء الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النداء عقيب جلوس الإمام على المنبر ، فتعلق الحكم به دون غيره ، ولا فرق بين أن يكون ذلك قبل الزوال أو بعده .

وحكى القاضي رواية عن أحمد ، أن البيع يحرم بزوال الشمس ، وإن لم يجلس الإمام على المنبر . ولا يصح هذا ; لأن الله تعالى علقه على النداء ، لا على الوقت ، ولأن المقصود بهذا إدراك الجمعة ، وهو يحصل بما ذكرنا دون ما ذكره ، ولو كان تحريم البيع معلقا بالوقت لما اختص بالزوال ، فإن ما قبله وقت أيضا .

فأما من كان منزله بعيدا لا يدرك الجمعة بالسعي وقت النداء ، فعليه السعي في الوقت الذي يكون به مدركا للجمعة ; لأن الجمعة واجبة ، والسعي قبل النداء من ضرورة إدراكها ، وما [ ص: 72 ] لا يتم الواجب إلا به واجب ، كاستقاء الماء من البئر للوضوء إذا لم يقدر على غيره ، وإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم ، ونحوهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية