صفحة جزء
( 1297 ) فصل : وتجب الجمعة والسعي إليها ، سواء كان من يقيمها سنيا ، أو مبتدعا ، أو عدلا ، أو فاسقا . نص عليه أحمد ، وروي عن العباس بن عبد العظيم ، أنه سأل أبا عبد الله ، عن الصلاة خلفهم - يعني المعتزلة - يوم الجمعة ، قال : أما الجمعة فينبغي شهودها ، فإن كان الذي يصلي منهم ، أعاد ، وإن كان لا يدري أنه منهم ، فلا يعيد .

قلت : فإن كان يقال : إنه قد قال بقولهم قال : حتى يستيقن . ولا أعلم في هذا بين أهل العلم خلافا ، والأصل في هذا عموم قول [ ص: 74 ] الله تعالى : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } وقول النبي : صلى الله عليه وسلم { فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر ، استخفافا بها ، أو جحودا بها ، فلا جمع الله له شمله } . وإجماع الصحابة ، رضي الله عنهم ، فإن عبد الله بن عمر وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يشهدونها مع الحجاج ونظرائه ، ولم يسمع من أحد منهم التخلف عنها .

وقال عبد الله بن أبي الهذيل : تذاكرنا الجمعة أيام المختار ، فأجمع رأيهم على أن يأتوه ، فإنما عليه كذبه . ولأن الجمعة من أعلام الدين الظاهرة ، ويتولاها الأئمة ومن ولوه ، فتركها خلف من هذه صفته يؤدي إلى سقوطها .

وجاء رجل إلى محمد بن النضر الحارثي ، فقال : إن لي جيرانا من أهل الأهواء ، فكنت أعيبهم وأنقصهم ، فجاءوني فقالوا : ما تخرج تذكرنا ؟ قال : وأي شيء يقولون ؟ قال : أول ما أقول لك ، أنهم لا يرون الجمعة . قال : حسبك ، ما قولك في من رد على أبي بكر وعمر ، رحمهما الله ؟ قال : قلت رجل سوء . قال : فما قولك في من رد على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قلت كافر . ثم مكث ساعة ، ثم قال : ما قولك في من رد على العلي الأعلى ؟ ثم غشي عليه ، فمكث ساعة ، ثم قال : ردوا عليه والله ، قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } قالها والله ، وهو يعلم أن بني العباس يسألونها .

إذا ثبت هذا فإنها لا تعاد خلف من يعاد خلفه بقية الصلوات .

وحكي عن أبي عبد الله رواية أخرى ، أنها لا تعاد . وقد ذكرنا ذلك فيما مضى . والظاهر من حال الصحابة ، رحمة الله عليهم ، أنهم لم يكونوا يعيدونها ، فإنه لم ينقل عنهم ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية