صفحة جزء
( 1328 ) فصل : فأما الكلام الواجب ، كتحذير الضرير من البئر ، أو من يخاف عليه نارا ، أو حية أو حريقا ، ونحو ذلك ، فله فعله ، لأن هذا يجوز في نفس الصلاة مع إفسادها ، فهاهنا أولى فأما تشميت العاطس ، ورد السلام ففيه روايتان قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله سئل : يرد الرجل السلام يوم الجمعة ؟ فقال : نعم . ويشمت العاطس ؟ فقال : نعم ، والإمام يخطب .

وقال أبو عبد الله : قد فعله غير واحد قال ذلك غير مرة . وممن رخص في ذلك الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والحكم ، وقتادة ، والثوري ، وإسحاق ، وذلك لأن هذا واجب ، فوجب ، الإتيان به في الخطبة ، كتحذير الضرير . والرواية الثانية : إن كان لا يسمع رد السلام وشمت العاطس ، وإن كان يسمع لم يفعل .

قال أبو طالب ، قال أحمد : إذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ، ولا تقرأ ، ولا تشمت ، وإذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وشمت ورد السلام .

وقال أبو داود ، قلت لأحمد : يرد السلام والإمام يخطب ، ويشمت العاطس ؟ فقال : إذا كان ليس يسمع الخطبة فيرد ، وإذا كان يسمع فلا ; لقول الله تعالى : { فاستمعوا له وأنصتوا }

وقيل لأحمد : الرجل يسمع نغمة الإمام بالخطبة ، ولا يدري ما يقول ، يرد السلام ؟ قال : لا ، إذا سمع شيئا وروي نحو ذلك عن عطاء ; وذلك لأن الإنصات واجب ، فلم يجز الكلام المانع منه من غير ضرورة ، كالأمر بالإنصات ، بخلاف من لم يسمع وقال القاضي : لا يرد ولا يشمت .

وروي نحو ذلك عن ابن عمر وهو قول مالك ، والأوزاعي وأصحاب الرأي واختلف فيه قول الشافعي ، فيحتمل أن يكون هذا القول مختصا بمن يسمع دون من لم يسمع ، فيكون مثل الرواية الثانية . ويحتمل أن يكون عاما في كل حاضر يسمع أو لم يسمع ، لأن وجوب الإنصات شامل لهم ، فيكون المنع من رد السلام وتشميت العاطس ثابتا في حقهم ، كالسامعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية