صفحة جزء
( 1342 ) مسألة : قال : ( وإن صلوا أعادوها ظهرا ) وجملته أن ما كان شرطا لوجوب الجمعة ، فهو شرط لانعقادها ، فمتى صلوا جمعة مع اختلال بعض شروطها ، لم يصح ، ولزمهم أن يصلوا ظهرا ، ولا يعد في الأربعين الذين تنعقد بهم الجمعة من لا تجب عليه ، ولا يعتبر اجتماع الشروط للصحة ، بل تصح ممن لا تجب عليه ، تبعا لمن وجبت عليه ، ولا يعتبر في وجوبها كونه ممن تنعقد به ، فإنها تجب على من يسمع النداء من غير أهل المصر ، ولا تنعقد به . ( 1343 )

فصل : ويعتبر استدامة الشروط في القدر الواجب من الخطبتين . وقال أبو حنيفة ، في رواية عنه : لا يشترط العدد فيهما ; لأنه ذكر يتقدم الصلاة ، فلم يشترط له العدد ، كالأذان . ولنا ، أنه ذكر من شرائط الجمعة ، فكان من شرطه العدد ، كتكبيرة الإحرام ، ويفارق الأذان ، فإنه ليس بشرط ، وإنما مقصوده الإعلام ، والإعلام للغائبين ، والخطبة مقصودها التذكير والموعظة ، وذلك إنما يكون للحاضرين ، وهي مشتقة من الخطاب ، والخطاب إنما يكون للحاضرين

فعلى هذا إن انفضوا في أثناء الخطبة ، ثم عادوا فحضروا القدر الواجب ، أجزأهم ، وإلا لم يجزئهم ، إلا أن يحضروا القدر الواجب ، ثم ينفضوا ويعودوا قبل شروعه في الصلاة ، من غير طول الفصل ، فإن طال الفصل ، لزمه إعادة الخطبة ، إن كان الوقت متسعا ; لأنهم من أهل وجوب الجمعة ، والوقت متسع لها ، لتصح لهم الجمعة ، وإن ضاق الوقت صلوا ظهرا ، والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة ( 1344 )

فصل : ويعتبر استدامة الشروط في جميع الصلاة ، فإن نقص العدد قبل كمالها ، فظاهر كلام أحمد أنه لا يتمها جمعة وهذا أحد قولي الشافعي لأنه فقد بعض شرائط الصلاة ، فأشبه فقد الطهارة . وقياس قول الخرقي أنهم إن انفضوا بعد ركعة ، أنه يتمها جمعة ، وهذا قول مالك ، وقال المزني : هو الأشبه عندي ; لقول [ ص: 92 ] النبي صلى الله عليه وسلم : { من أدرك من الجمعة ركعة أضاف إليها أخرى . }

ولأنهم أدركوا ركعة ، فصحت لهم جمعة ، كالمسبوقين بركعة ، ولأن العدد شرط يختص الجمعة ، فلم يفت بفواته في ركعة ، كما لو دخل وقت العصر وقد صلوا ركعة . وقال أبو حنيفة : إن انفضوا بعدما صلى ركعة بسجدة واحدة ، أتمها جمعة ; لأنهم أدركوا معظم الركعة ، فأشبه ما لو أدركوها بسجدتيها . وقال إسحاق : إن بقي معه اثنا عشر رجلا ، أتمها جمعة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انفضوا عنه ، فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا ، فأتمها جمعة .

وقال الشافعي ، في أحد أقواله : إن بقي معه اثنان ، أتمها جمعة وهو قول الثوري ; لأنهم أقل الجمع وحكى عنه أبو ثور : إن بقي معه واحد أتمها جمعة ; لأن الاثنين جماعة .

ولنا ، أنهم لم يدركوا ركعة كاملة بشروط الجمعة فأشبه ما لو انفض الجميع قبل الركوع في الأولى . وقولهم : أدرك معظم الركعة ، يبطل بمن لم يفته من الركعة إلا السجدتان ، فإنه قد أدرك معظمها .

وقول الشافعي : بقي معه من تنعقد به الجماعة قلنا : لا يصح ، لأن هذا لا يكفي في الابتداء ، فلا يكفي في الدوام . إذا ثبت هذا فكل موضع قلنا لا يتمها جمعة ، فقياس قول الخرقي أنها تبطل ، ويستأنف ظهرا ، إلا أن يمكنهم فعل الجمعة مرة أخرى ، فيعيدونها قال أبو بكر : لا أعلم خلافا عن أحمد ، إن لم يتم العدد في الصلاة والخطبة ، أنهم يعيدون الصلاة .

وقياس قول أبي إسحاق بن شاقلا أنهم يتمونها ظهرا وهذا قول القاضي وقال : قد نص عليها أحمد في الذي زحم عن أفعال الجمعة حتى سلم الإمام ، يتمها ظهرا ، ووجه القولين قد تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية