( 1371 ) فصل : إذا 
جلس في مكان ، ثم بدت له حاجة ، أو احتاج إلى الوضوء ، فله الخروج . { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=25903قال عقبة    : صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة  العصر ، فسلم ، ثم قام مسرعا ، فتخطى رقاب الناس إلى حجر بعض نسائه فقال : ذكرت شيئا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني ، فأمرت بقسمته   } رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، فإذا 
قام من مجلسه ، ثم رجع إليه فهو أحق به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=36984من قام من مجلسه ، ثم رجع إليه ، فهو أحق به   } . 
وحكمه في التخطي إلى موضعه حكم من رأى بين يديه فرجة . ( 1372 ) فصل : 
وليس له أن يقيم إنسانا ويجلس في موضعه ، سواء كان المكان راتبا لشخص يجلس فيه ، أو موضع حلقة لمن يحدث فيها ، أو حلقة للفقهاء يتذاكرون فيها ، أو لم يكن ; لما روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  ، قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=38264نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل - يعني أخاه - من مقعده ، ويجلس فيه .   } متفق عليه . 
ولأن المسجد بيت الله ، والناس فيه سواء ، قال الله تعالى : { 
سواء العاكف فيه والباد   } فمن سبق إلى مكان فهو أحق به ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=36511من سبق إلى ماء لم يسبق إليه مسلم ، فهو أحق به   } رواه 
أبو داود  ، وكمقاعد الأسواق ، ومشارع المياه والمعادن ، 
فإن قدم صاحبا له ، فجلس في موضع ، حتى إذا جاء قام النائب وأجلسه ، جاز ; لأن النائب يقوم باختياره ، وقد روي أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين  كان يرسل غلاما له يوم الجمعة ، فيجلس فيه ، فإذا جاء 
 nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد  قام الغلام ، وجلس 
 nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد  فيه . 
فإن لم يكن نائبا فقام ليجلس آخر في مكانه ، فله الجلوس فيه ; لأنه قام باختيار نفسه ، فأشبه النائب . 
وأما القائم فإن انتقل إلى مثل مكانه الذي آثر به في القرب ، وسماع الخطبة ، فلا بأس ، وإن  
[ ص: 102 ] انتقل إلى ما دونه ، كره له ; لأنه يؤثر على نفسه في الدين . 
ويحتمل أن لا يكره ; لأن 
تقديم أهل الفضل إلى ما يلي الإمام مشروع ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=34047ليلني منكم أولو الأحلام والنهى   } ولو آثر شخصا بمكانه ، لم يجز لغيره أن يسبقه إليه ; لأن الحق للجالس آثر به غيره فقام مقامه في استحقاقه ، كما لو يحجر مواتا ، أو سبق إليه ، ثم آثر غيره به . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل  نحو ذلك ; لأن القائم أسقط حقه بالقيام ، فبقي على الأصل ، فكان السابق إليه أحق به ، كمن وسع لرجل في طريق ، فمر غيره ، وما قلنا أصح ، ويفارق التوسعة في الطريق ، لأنها إنما جعلت للمرور فيها ، فمن انتقل من مكان فيها لم يبق له فيه حق يؤثر به ، وليس كذلك المسجد ، فإنه للإقامة فيه ، ولا يسقط حق المنتقل من مكانه إذا انتقل لحاجة ، وهذا إنما انتقل مؤثرا لغيره ، فأشبه النائب الذي بعثه إنسان ليجلس في موضع يحفظه له . 
ولو كان الجالس مملوكا ، لم يكن لسيده أن يقيمه ; لعموم الخبر ، ولأن هذا ليس بمال ، وهو حق ديني ، فاستوى هو وسيده فيه ، كالحقوق الدينية كلها ، والله أعلم .