صفحة جزء
( 1397 ) مسألة : قال : ( فإذا أصبحوا تطهروا ) وجملته أنه يستحب أن يتطهر بالغسل للعيد ، وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر ، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال علقمة ، وعروة ، وعطاء ، والنخعي ، والشعبي ، وقتادة ، وأبو الزناد ، ومالك ، والشافعي ، وابن المنذر لما روى ابن عباس ، والفاكه بن سعد { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى . }

وروي أيضا { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع : إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين ، فاغتسلوا ، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن [ ص: 113 ] يمس منه ، وعليكم بالسواك . } رواه ابن ماجه .

فعلى هذه الأشياء تكون الجمعة عيدا .

ولأنه يوم يجتمع الناس فيه للصلاة ، فاستحب الغسل فيه ، كيوم الجمعة ، وإن اقتصر على الوضوء أجزأه ; لأنه إذا لم يجب الغسل للجمعة مع الأمر به فيها ، فغيرها أولى ( 1398 ) فصل : ويستحب أن يتنظف ، ويلبس أحسن ما يجد ، ويتطيب ، ويتسوك ، كما ذكرنا في الجمعة لما ذكرنا من الحديث .

وقال عبد الله بن عمر : { وجد عمر حلة من إستبرق في السوق ، فأخذها ، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ابتع هذه تتجمل بها في العيدين والوفد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما هذه لباس من لا خلاق لهم } متفق عليه . وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهورا .

وروى ابن عبد البر ، بإسناده عن جابر ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة } بإسناده عن ابن عباس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين برد حبرة . }

وبإسناده عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده . } وقال مالك : سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد ، والإمام بذلك أحق ، لأنه المنظور إليه من بينهم إلا أن المعتكف يستحب له الخروج في ثياب اعتكافه ، ليبقى عليه أثر العبادة والنسك .

وقال أحمد ، في رواية المروذي : طاوس كان يأمر بزينة الثياب وعطاء قال : هو يوم التخشع . وأستحسنهما جميعا . وذكر استحباب خروجه في ثياب اعتكافه في غير هذا الموضع . ( 1399 )

فصل : ووقت الغسل بعد طلوع الفجر في ظاهر كلام الخرقي ، لقوله : " فإذا أصبحوا تطهروا " .

قال القاضي ، والآمدي : إن اغتسل قبل الفجر لم يصب سنة الاغتسال ; لأنه غسل الصلاة في اليوم فلم يجز قبل الفجر كغسل الجمعة . وقال ابن عقيل : المنصوص عن أحمد أنه قبل الفجر وبعده ; لأن زمن العيد أضيق من وقت الجمعة ، فلو وقف على الفجر ربما فات ، ولأن المقصود منه التنظيف ، وذلك يحصل بالغسل في الليل لقربه من الصلاة ، والأفضل أن يكون بعد الفجر ، ليخرج من الخلاف ، ويكون أبلغ في النظافة ، لقربه من الصلاة .

وقول الخرقي : " تطهروا " لم يخص به الغسل ، بل هو ظاهر في الوضوء ، وهو غير مختص بما بعد الفجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية