صفحة جزء
( 1409 ) مسألة : قال : ( فإذا حلت الصلاة ، تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين ) لا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة العيد مع الإمام ركعتان ، وفيما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد ركعتين ، وفعله الأئمة بعده إلى عصرنا ، لم نعلم أحدا فعل غير ذلك ، ولا خالف فيه .

وقد قال عمر رضي الله عنه : صلاة العيد ركعتان ، تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى وقوله : " حلت الصلاة " يحتمل معنيين : أحدهما ، أن معناه إذا دخل وقتها ، والصلاة هاهنا صلاة العيد ، وحلت من الحلول كقولهم : حل الدين . إذا جاء أجله .

والثاني ، معناه إذا أبيحت الصلاة . يعني النافلة ، ومعناه إذا خرج وقت النهي ، وهو إذا ارتفعت الشمس قيد رمح ، وحلت من الحل وهو الإباحة ، كقول الله تعالى : { ويحل لهم الطيبات } . وهذا المعنى أحسن ، لأن فيه تفسيرا لوقتها ، وتعريفا له بالوقت الذي عرف في مكان آخر .

وعلى القول الأول ليس فيه بيان ، لوقتها ، فعلى هذا يكون وقتها من حين ترتفع الشمس قيد رمح ، إلى أن يقوم قائم الظهيرة ، وذلك ما بين وقتي النهي عن صلاة النافلة . وقال أصحاب الشافعي : أول وقتها إذا طلعت الشمس ; لما روى يزيد بن خمير ، قال : خرج عبد الله بن بسر ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فطر أو أضحى ، فأنكر إبطاء الإمام ، وقال : إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه ، وذلك حين صلاة التسبيح .

رواه أبو داود ، وابن ماجه .

ولنا ، ما روى عقبة بن عامر قال : { ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن ، وأن نقبر فيهن [ ص: 117 ] موتانا ; حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع } .

ولأنه وقت نهي عن الصلاة فيه ، فلم يكن وقتا للعيد ، كقبل طلوع الشمس ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده لم يصلوا حتى ارتفعت الشمس ، بدليل الإجماع على أن الأفضل فعلها في ذلك الوقت ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل إلا الأفضل والأولى ، ولو كان لها وقت قبل ذلك ، لكان تقييده بطلوع الشمس تحكما بغير نص ولا معنى نص ، ولا يجوز التوقيت بالتحكم .

وأما حديث عبد الله بن بسر ، فإنه أنكر إبطاء الإمام عن وقتها المجمع عليه ، فإنه لو حمل على غير هذا لم يكن ذلك إبطاء ، ولا جاز إنكاره ، ولا يجوز أن يحمل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في وقت النهي ; لأنه مكروه بالاتفاق على أن الأفضل خلافه ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليداوم على المكروه ولا المفضول ، ولو كان يداوم على الصلاة فيه ، لوجب أن يكون هو الأفضل والأولى ، فتعين حمله على ما ذكرنا .

( 1410 ) فصل : ويسن تقديم الأضحى ; ليتسع وقت التضحية ، وتأخير الفطر ; ليتسع وقت إخراج صدقة الفطر . وهذا مذهب الشافعي ، ولا أعلم فيه خلافا . وقد روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم : أن أخر صلاة الفطر ، وعجل صلاة الأضحى } . ولأن لكل عيد وظيفة ، فوظيفة الفطر إخراج الفطرة ، ووقتها قبل الصلاة ، ووظيفة الأضحى التضحية ، ووقتها بعد الصلاة وفي تأخير الفطر وتقديم الأضحى توسيع لوظيفة كل منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية