صفحة جزء
( 1411 ) مسألة : قال : ( بلا أذان ولا إقامة ) ولا نعلم في هذا خلافا ممن يعتد بخلافه ، إلا أنه روي عن ابن الزبير أنه أذن وأقام . وقيل : أول من أذن في العيد ابن زياد . وهذا دليل على انعقاد الإجماع قبله ، على أنه لا يسن لها أذان ولا إقامة .

وبه يقول مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد بلا أذان ولا إقامة ، فروى ابن عباس ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيدين بغير أذان ولا إقامة } . وعن جابر مثله . متفق عليهما . وقال جابر بن سمرة : { صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين ، بلا أذان ولا إقامة } . رواه مسلم .

وعن عطاء ، قال : أخبرني جابر أن لا أذان يوم الفطر حين يخرج الإمام ، ولا بعد ما يخرج الإمام ، ولا إقامة ، ولا نداء ولا شيء ، لا نداء يومئذ ولا إقامة . رواه مسلم . وقال بعض أصحابنا : ينادى لها : الصلاة جامعة . وهو قول الشافعي .

وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع . ( 1412 ) مسألة : قال : ( ويقرأ في كل ركعة منها ب " الحمد لله " وسورة ، ويجهر بالقراءة ) لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أنه يشرع قراءة الفاتحة وسورة في كل ركعة من صلاة العيد ، وأنه يسن الجهر ، إلا أنه روي عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا قرأ في العيدين أسمع من يليه ، ولم يجهر ذلك الجهر .

وقال [ ص: 118 ] ابن المنذر : أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة ، وفي إخبار من أخبر بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه كان يجهر ، ولأنها صلاة عيد ، فأشبهت الجمعة . ويستحب أن يقرأ في الأولى ب ( سبح ) ، وفي الثانية بالغاشية .

نص عليه أحمد ; لأن النعمان بن بشير ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة ب سبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية . وربما اجتمعا في يوم واحد ، فقرأ بهما } . رواه مسلم . وقال الشافعي : يقرأ ب ( ق ) و ( اقتربت الساعة ) .

لما روي { أن عمر سأل أبا واقد الليثي : ماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ به في الفطر والأضحى ؟ فقال : كان يقرأ ب ق والقرءان المجيد ، و اقتربت الساعة وانشق القمر } . رواه مسلم . وقال أبو حنيفة : ليس فيه شيء يوقت وكان ابن مسعود يقرأ بالفاتحة وسورة من المفصل . ومهما قرأ به أجزأه ، وكان حسنا ، إلا أن الأول أحسن ; لأن عمر ، رضي الله عنه عمل به ، وكان ذلك مذهبه ، ولأن في ( سبح ) الحث على الصلاة ، وزكاة الفطر .

على ما قاله سعيد بن المسيب ، وعمر بن عبد العزيز ، في تفسير قوله تعالى : { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } فاختصت الفضيلة بها ، كاختصاص الجمعة بسورتها . ( 1413 )

فصل : وتكون القراءة بعد التكبير في الركعتين . نص عليه أحمد . وروي ذلك عن أبي هريرة ، وفقهاء المدينة السبعة وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ومالك ، والشافعي ، والليث .

وقد روي عن أحمد أنه يوالي بين القراءتين . ومعناه أنه يكبر في الأولى قبل القراءة ، وفي الثانية بعدها . اختارها أبو بكر . وروي ذلك عن ابن مسعود ، وحذيفة ، وأبي موسى ، وأبي مسعود البدري والحسن ، وابن سيرين ، والثوري وهو قول أصحاب الرأي ; لما روي عن أبي موسى ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيره على الجنازة . ويوالي بين القراءتين } . رواه أبو داود .

وروى أبو عائشة ، جليس لأبي هريرة { ، أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر ؟ فقال أبو موسى : كان يكبر أربعا تكبيره على الجنازة . فقال حذيفة : صدق . }

ولنا ، ما روى كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين ، في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الثانية خمسا قبل القراءة } . رواه الأثرم ، وابن ماجه ، والترمذي ، وقال : هو حديث حسن ، وهو أحسن حديث في الباب .

وعن عائشة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين سبعا وخمسا قبل القراءة } . رواه أحمد ، في " المسند " . وعن عبد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { التكبير في الفطر سبع في الأولى ، وخمس في الأخيرة ، والقراءة بعدهما كليهما } . رواه أبو داود ، والأثرم ، ورواه ابن ماجه عن سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك . وحديث أبي موسى ضعيف . قاله الخطابي

وليس في رواية أبي داود أنه والى بين القراءتين ، ثم نحمله على أنه والى بين الفاتحة والسورة ، لأن قراءة الركعتين لا يمكن الموالاة بينهما ; لما بينهما من الركوع والسجود .

التالي السابق


الخدمات العلمية