صفحة جزء
( 1422 ) مسألة : قال : ( ولا يتنفل قبل صلاة العيد ، ولا بعدها ) وجملته أنه يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها للإمام والمأموم في موضع الصلاة ، سواء كان في المصلى أو المسجد .

وهو مذهب ابن عباس ، وابن عمر ، وروي ذلك عن علي ، وابن مسعود ، وحذيفة ، وبريدة ، وسلمة بن الأكوع ، وجابر ، وابن أبي أوفى ، وقال به شريح ، وعبد الله بن مغفل ، والشعبي ، ومالك ، والضحاك ، والقاسم ، وسالم ، ومعمر ، وابن جريج ، ومسروق .

وقال الزهري : لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر أن أحدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها . يعني صلاة العيد . وقال : ما صلى قبل العيد بدري . ونهى عنه أبو مسعود البدري . وروي أن عليا رضي الله عنه رأى قوما يصلون قبل العيد ، فقال : ما كان هذا يفعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال أحمد : أهل المدينة لا يتطوعون قبلها ، ولا بعدها ، وأهل البصرة يتطوعون قبلها ، وبعدها ، وأهل الكوفة لا يتطوعون قبلها ، ويتطوعون بعدها . وهذا قول علقمة ، والأسود ، ومجاهد ، وابن أبي ليلى ، والنخعي ، والثوري ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي . وقال مالك : لا يتطوع في المصلى قبلها ولا بعدها .

وله في المسجد روايتان : إحداهما ، يتطوع ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين } . وقال الشافعي : يكره التطوع للإمام دون المأموم ; لأن الإمام لا يستحب له التشاغل عن الصلاة ، ولم يكره للمأموم ، لأنه وقت لم ينه عن الصلاة فيه ، أشبه ما بعد الزوال . ولنا ما روى ابن عباس ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر ، فصلى ركعتين ، لم يصل قبلهما ولا بعدهما } . متفق عليه . وروى ابن عمر نحوه .

ولأنه إجماع كما ذكرناه عن الزهري وغيره ، ونهى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، ورووا الحديث وعملوا به ، ولأنه وقت نهي الإمام عن التنفل فيه ، فكره للمأموم ، كسائر أوقات النهي ، وكما قبل الصلاة عند أبي حنيفة ، وكما لو كان في المصلى عند مالك . قال الأثرم : قلت لأحمد : قال سليمان بن حرب : إنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التطوع لأنه كان إماما .

قال أحمد : فالذين رووا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتطوعوا . ثم قال ابن عمر ، وابن عباس ، هما راوياه ، وأخذا به . يشير والله أعلم إلى أن عمل راوي الحديث به تفسير له ، وتفسيره يقدم على تفسير غيره .

ولو كانت الكراهة للإمام كي لا يشتغل عن الصلاة ، لاختصت بما قبل الصلاة ، إذ لم يبق بعدها ما يشتغل به ، ولأنه تنفل في المصلى وقت صلاة العيد فكره ، كالذي سلموه ، وقياسهم منتقض بالإمام ، وقد روي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يكبر في صلاة العيد سبعا وخمسا ، ويقول : لا صلاة قبلها ولا بعدها } . حكى ابن عقيل أن الإمام ابن بطة رواه بإسناده .

التالي السابق


الخدمات العلمية