صفحة جزء
( 1431 ) مسألة ; قال : ( ويبتدئ التكبير يوم عرفة من صلاة الفجر ) لا خلاف بين العلماء رحمهم الله ، في أن التكبير مشروع في عيد النحر ، واختلفوا في مدته ، فذهب إمامنا رضي الله عنه إلى أنه من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق . وهو قول عمر ، وعلي ، وابن عباس ، وابن مسعود رضي الله عنهم ، وإليه ذهب الثوري ، وابن عيينة وأبو يوسف ، ومحمد ، وأبو ثور ، والشافعي في بعض أقواله .

وعن ابن مسعود أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى العصر من يوم النحر . وإليه ذهب علقمة ، والنخعي ، وأبو حنيفة ; لقوله : { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } وهي العشر ، وأجمعنا على أنه لا يكبر قبل يوم عرفة ، فينبغي أن يكبر يوم عرفة ويوم النحر . وعن ابن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، أن التكبير من صلاة الظهر يوم النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق .

وبه قال مالك ، والشافعي في المشهور عنه ; لأن الناس تبع للحاج ، والحجاج يقطعون التلبية مع أول حصاة ، ويكبرون مع الرمي ، وإنما يرمون يوم النحر ، فأول صلاة بعد ذلك الظهر ، وآخر صلاة يصلون بمنى الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق .

ولنا ، ما روى جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة ، وأقبل علينا ، فقال : الله أكبر الله أكبر . ومد التكبير إلى العصر من آخر أيام التشريق } . أخرجه الدارقطني من طرق ، وفي بعضها : " الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد " . ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، روي ذلك عن عمر ، وعلي ، وابن عباس وابن مسعود رواه سعيد عن عمر ، وعلي ، وابن عباس ، وروى بإسناده عن عمير بن سعيد ، أن عبد الله كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى العصر من يوم النحر ، فأتانا علي بعده فكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

قيل لأحمد ، رحمه الله : بأي حديث تذهب ، إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ؟ قال : بالإجماع عمر ، وعلي ، وابن عباس ، وابن مسعود رضي الله عنهم . ولأن الله تعالى قال : { واذكروا الله في أيام معدودات } . وهي أيام التشريق ، فتعين الذكر في جميعها . ولأنها أيام يرمى فيها ، فكان التكبير فيها كيوم النحر . وقوله تعالى : { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } .

فالمراد به ذكر الله تعالى على الهدايا والأضاحي . ويستحب التكبير عند رؤية الأنعام في جميع العشر ، وهذا أولى من قولهم وتفسيرهم ; لأنهم لم يعملوا به في كل العشر ولا في أكثره ، وإن صح قولهم فقد أمر الله تعالى بالذكر في أيام معدودات ، وهي أيام التشريق ، فيعمل به أيضا . وأما المحرمون فإنهم يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر ; لما ذكروه ، لأنهم كانوا مشغولين قبل ذلك بالتلبية ، وغيرهم يبتدئ من يوم عرفة ; لعدم المانع في حقهم مع وجود المقتضي .

وقولهم : إن الناس تبع [ ص: 127 ] لهم في هذا . دعوى مجردة ، لا دليل عليها ، فلا تسمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية