صفحة جزء
( 134 ) مسألة قال : وتخليل اللحية وجملة ذلك : أن اللحية إن كانت خفيفة تصف البشرة وجب غسل باطنها . وإن كانت كثيفة لم يجب غسل ما تحتها ، ويستحب تخليلها . وممن روي عنه أنه كان يخلل لحيته : ابن عمر ، وابن عباس ، والحسن ، وأنس ، وابن أبي ليلى وعطاء بن السائب .

وقال إسحاق : إذا ترك تخليل لحيته عامدا أعاد ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يخلل لحيته . } رواه عنه عثمان بن عفان . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وقال البخاري : هذا أصح حديث في [ ص: 75 ] الباب .

وروى أبو داود عن أنس ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه وقال : هكذا أمرني ربي عز وجل . } وعن ابن عمر ، قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك ، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها . } رواه ابن ماجه .

وقال عطاء وأبو ثور : يجب غسل باطن شعور الوجه وإن كان كثيفا كما يجب في الجنابة ; ولأنه مأمور بغسل الوجه في الوضوء كما أمر بغسله في الجنابة ، فما وجب في أحدهما وجب في الآخر مثله . ومذهب أكثر أهل العلم أن ذلك لا يجب ، ولا يجب التخليل ; وممن رخص في ترك التخليل ابن عمر ، والحسن بن علي ، وطاوس ، والنخعي ، والشعبي ، وأبو العالية ، ومجاهد ، وأبو القاسم ، ومحمد بن علي ، وسعيد بن عبد العزيز وابن المنذر ; لأن الله تعالى أمر بالغسل ، ولم يذكر التخليل ، وأكثر من حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحكه .

ولو كان واجبا لما أخل به في وضوء ، ولو فعله في كل وضوء لنقله كل من حكى وضوءه أو أكثرهم ، وتركه لذلك يدل على أن غسل ما تحت الشعر الكثيف ليس بواجب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيف اللحية فلا يبلغ الماء ما تحت شعرها بدون التخليل والمبالغة ، وفعله للتخليل في بعض أحيانه يدل على استحباب ذلك ، والله أعلم .

( 135 ) فصل : قال يعقوب : سألت أحمد عن التخليل ؟ فأراني من تحت لحيته ، فخلل بالأصابع . وقال حنبل : من تحت ذقنه من أسفل الذقن ، يخلل جانبي لحيته جميعا بالماء ، ويمسح جانبيها وباطنها . وقال أبو الحارث : قال أحمد إن شاء خللها مع وجهه ، وإن شاء إذا مسح رأسه . ويستحب أن يتعهد بقية شعور وجهه ويمسح مآقيه ; ليزول ما بهما من كحل أو غمص . وقد روى أبو داود بإسناده عن أبي أمامة أنه { ذكر وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كان يمسح المأقين . }

التالي السابق


الخدمات العلمية