صفحة جزء
( 1478 ) مسألة ; قال : ( ثم يخطب ، ويستقبل القبلة ) اختلفت الرواية في الخطبة للاستسقاء ، وفي وقتها ، والمشهور أن فيها خطبة بعد الصلاة . قال أبو بكر : اتفقوا عن أبي عبد الله أن في صلاة الاستسقاء خطبة ، وصعودا على المنبر . والصحيح أنها بعد الصلاة .

وبهذا قال مالك ، [ ص: 150 ] والشافعي ، ومحمد بن الحسن . قال ابن عبد البر : وعليه جماعة الفقهاء ; لقول أبي هريرة : صلى ركعتين ، ثم خطبنا . ولقول ابن عباس : صنع في الاستسقاء ، كما صنع في العيدين . ولأنها صلاة ذات تكبير ، فأشبهت صلاة العيد . والرواية الثانية ، أنه يخطب قبل الصلاة . روي ذلك عن عمر ، وابن الزبير ، وأبان بن عثمان ، وهشام بن إسماعيل ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم .

وذهب إليه الليث بن سعد وابن المنذر ; لما روى أنس وعائشة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وصلى } . وعن عبد الله بن زيد ، قال { : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي ، فحول ظهره إلى الناس ، واستقبل القبلة يدعو ، ثم حول رداءه ، ثم صلى ركعتين ، جهر فيهما بالقراءة . } متفق عليه .

وروى الأثرم ، بإسناده عن أبي الأسود ، قال : أدركت أبان بن عثمان ، وهشام بن إسماعيل ، وعمر بن عبد العزيز وأبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، كانوا إذا أرادوا أن يستسقوا ، خرجوا للبراز ، فكانوا يخطبون ، ثم يدعون الله ، ويحولون وجوههم إلى القبلة حين يدعون ، ثم يحول أحدهم رداءه من الجانب الأيمن على الأيسر ، وما على الأيسر على الأيمن ، وينزل أحدهم فيقرأ في الركعتين ، يجهر بهم .

الرواية الثالثة ، هو مخير في الخطبة قبل الصلاة وبعدها ; لورود الأخبار بكلا الأمرين ، ودلالتها على كلتا الصفتين ، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين . والرابعة ، أنه لا يخطب ، وإنما يدعو ويتضرع ; لقول ابن عباس : لم يخطب كخطبتكم هذه ، لكن لم يزل في الدعاء والتضرع . وأيا ما فعل من ذلك فهو جائز ; لأن الخطبة غير واجبة ، على الروايات كلها ، فإن شاء فعلها ، وإن شاء تركها .

والأولى أن يخطب بعد الصلاة خطبة واحدة ; لتكون كالعيد ، وليكونوا قد فرغوا من الصلاة إن أجيب دعاؤهم فأغيثوا ، فلا يحتاجون إلى الصلاة في المطر . وقول ابن عباس : لم يخطب كخطبتكم هذه . نفي للصفة لا لأصل الخطبة ، أي لم يخطب كخطبتكم هذه ، إنما كان جل خطبته الدعاء والتضرع والتكبير

التالي السابق


الخدمات العلمية