صفحة جزء
( 1500 ) مسألة ; قال : ( والاستحباب أن لا يغسل تحت السماء ، ولا يحضره إلا من يعين في أمره ، ما دام يغسل ) وجملة ذلك أن المستحب أن يغسل في بيت . وكان ابن سيرين يستحب أن يكون البيت الذي يغسل فيه مظلما . وذكره أحمد فإن لم يكن جعل بينه وبين السماء سترا .

قال ابن المنذر كان النخعي يحب أن يغسل وبينه [ ص: 164 ] وبين السماء سترة . وروى أبو داود بإسناده ; قال : أوصى الضحاك أخاه سالما ، قال : إذا غسلتني فاجعل حولي سترا ، واجعل بيني وبين السماء سترا . وذكر القاضي ، أن عائشة قالت : { أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته ، فجعلنا بينها وبين السقف سترا } .

قال : وإنما استحب ذلك خشية أن يستقبل السماء بعورته ، وإنما كره أن يحضره من لا يعين في أمره ، لأنه يكره النظر إلى الميت إلا لحاجة . ويستحب للحاضرين غض أبصارهم عنه ، إلا من حاجة ، وسبب ذلك أنه ربما كان بالميت عيب يكتمه ، ويكره أن يطلع عليه بعد موته ، وربما حدث منه أمر يكره الحي أن يطلع منه على مثله ، وربما ظهر فيه شيء هو في الظاهر منكر فيحدث به ، فيكون فضيحة له ، وربما بدت عورته فشاهدها ، ولهذا أحببنا أن يكون الغاسل ثقة أمينا صالحا ; ليستر ما يطلع عليه ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ليغسل موتاكم المأمونون . } رواه ابن ماجه . وروي عنه عليه السلام أنه قال : { من غسل ميتا ، ثم لم يفش عليه ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه . } رواه ابن ماجه أيضا .

وفي " المسند " عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : من غسل ميتا ، فأدى فيه الأمانة ، ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه } . وقال : { ليله أقربكم منه إن كان يعلم ، فإن كان لا يعلم فمن ترون أن عنده حظا من ورع وأمانة } .

وقال القاضي : لوليه أن يدخل كيف شاء . وكلام الخرقي عام في المنع ، ولعله يقتضي التعميم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية