صفحة جزء
( 1620 ) مسألة : قال : وإن دعت الضرورة إلى أن يغسل الرجل زوجته ، فلا بأس . المشهور عن أحمد أن للزوج غسل امرأته . وهو قول علقمة ، وعبد الرحمن بن يزيد بن الأسود ، وجابر بن زيد ، وسليمان بن يسار ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وقتادة ، وحماد ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق . وعن أحمد رواية ثانية ، ليس للزوج غسلها . وهو قول أبي حنيفة ، والثوري ; لأن الموت فرقة تبيح أختها ، وأربعا سواها ، فحرمت النظر واللمس ، كالطلاق .

ولنا ، ما روى ابن المنذر أن عليا رضي الله عنه غسل فاطمة رضي الله عنها واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكروه ، فكان إجماعا ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : رضي الله عنها { لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك } رواه ابن ماجه . والأصل في إضافة الفعل إلى الشخص أن يكون للمباشرة ، وحمله على الأمر يبطل فائدة التخصيص . ولأنه أحد الزوجين ، فأبيح له غسل صاحبه كالآخر ، والمعنى فيه أن كل واحد من الزوجين يسهل عليه إطلاع الآخر على عورته دون غيره ، لما كان بينهما في الحياة ، ويأتي بالغسل على أكمل ما يمكنه ، لما بينهما من المودة والرحمة .

وما قاسوا عليه لا يصح ، لأنه يمنع الزوجة من النظر ، وهذا بخلافه ، ولأنه لا فرق بين الزوجين إلا بقاء العدة ، ولا أثر لها ، بدليل ، ما لو مات المطلق ثلاثا ، فإنه لا يجوز لها غسله مع العدة ولأن المرأة لو وضعت حملها عقب موته كان لها غسله ، ولا عدة عليها . وقول الخرقي وإن دعت الضرورة إلى أن يغسل الرجل زوجته فلا بأس " يعني به ، أنه يكره له غسلها مع وجود من يغسلها سواه ، لما فيه من الخلاف والشبهة ، ولم يرد أنه محرم ; فإن غسلها لو كان محرما لم تبحه الضرورة ، كغسل ذوات محارمه والأجنبيات .

التالي السابق


الخدمات العلمية