صفحة جزء
( 1645 ) مسألة ; قال : ( وإن كان شاربه طويلا أخذ ، وجعل معه ) وجملته أن شارب الميت إن كان طويلا استحب قصه . وهذا قول الحسن ، وبكر بن عبد الله ، وسعيد بن جبير ، وإسحاق . وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يؤخذ من الميت شيء لأنه قطع شيء منه فلم يستحب ، كالختان . واختلف أصحاب الشافعي كالقولين . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { اصنعوا بموتاكم كما تصنعون بعرائسكم . }

والعروس يحسن ، ويزال عنه ما يستقبح من الشارب وغيره ، ولأن تركه يقبح منظره ، فشرعت إزالته ، كفتح عينيه وفمه شرع ما يزيله ، ولأنه فعل مسنون في الحياة لا مضرة فيه ، فشرع بعد الموت ، كالاغتسال . ويخرج على هذا الختان ; لما فيه من المضرة . فإذا أخذ الشعر جعل معه في أكفانه ; لأنه من الميت ، فيستحب جعله في أكفانه كأعضائه ; وكذلك كل ما أخذ من الميت من شعر أو ظفر أو غيرهما ، فإنه يغسل ويجعل معه في أكفانه كذلك . ( 1646 ) فصل : فأما الأظفار إذا طالت ففيها روايتان : إحداهما ، لا تقلم .

قال أحمد : لا تقلم أظفاره ، وينقى وسخها . وهو ظاهر كلام الخرقي ; لقوله : والخلال يستعمل إن احتيج إليه . والخلال يزال به ما تحت الأظفار ; لأن الظفر لا يظهر كظهور الشارب ، فلا حاجة إلى قصه . والثانية ، يقص إذا كان فاحشا . نص عليه ; لأنه من السنة ، ولا مضرة فيه ، فيشرع أخذه كالشارب . ويمكن أن تحمل الرواية الأولى على ما إذا لم تكن فاحشة .

وأما العانة فظاهر كلام الخرقي أنها لا تؤخذ ; لتركه ذكرها . وهو قول ابن سيرين ، ومالك ، وأبي حنيفة ; لأنه يحتاج في أخذها إلى كشف العورة ، ولمسها ، وهتك الميت ، وذلك محرم لا يفعل لغير واجب ، ولأن العورة مستورة يستغنى بسترها عن إزالتها . وروي عن أحمد أن أخذها مسنون . وهو قول الحسن ، وبكر بن عبد الله ، وسعيد بن جبير ، [ ص: 211 ] وإسحاق ; لأن سعد بن أبي وقاص جز عانة ميت . ولأنه شعر إزالته من السنة ، فأشبه الشارب .

والأول أولى . ويفارق الشارب العانة ; لأنه ظاهر يتفاحش لرؤيته ، ولا يحتاج في أخذه إلى كشف العورة ولا مسها . فإذا قلنا بأخذها ، فإن حنبلا روى أن أحمد سئل : ترى أن تستعمل النورة ؟ قال : الموسى ، أو مقراض يؤخذ به الشعر من عانته . وقال القاضي : تزال بالنورة ; لأنه أسهل ، ولا يمسها . ووجه قول أحمد أنه فعل سعد ، والنورة لا يؤمن أن تتلف جلد الميت . ( 1647 ) فصل : فأما الختان فلا يشرع ; لأنه إبانة جزء من أعضائه .

وهذا قول أكثر أهل العلم . وحكي عن بعض الناس أنه يختن . حكاه الإمام أحمد . والأول أولى ; لما ذكرناه . ولا يحلق رأس الميت ; لأنه ليس من السنة في الحياة ، وإنما يراد لزينة أو نسك ، ولا يطلب شيء من ذلك هاهنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية