صفحة جزء
( 1669 ) فصل : فأما الدفن ليلا ، فقال أحمد : وما بأس بذلك . وقال : أبو بكر دفن ليلا ، وعلي دفن فاطمة ليلا ، وحديث عائشة : كنا سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي صلى الله عليه وسلم .

وممن دفن ليلا : عثمان ، وعائشة ، وابن مسعود . ورخص فيه عقبة بن عامر ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق . وكرهه الحسن ; لما روى مسلم ، في " صحيحه " ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما ، فذكر رجلا من أصحابه قبض ، فكفن في كفن غير طائل ، ودفن ليلا ، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل إلا أن يضطر الإنسان إلى ذلك } . وقد روي عن أحمد أنه قال : إليه أذهب .

ولنا ، ما روى ابن مسعود ، قال : { والله لكأني أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، وهو في قبر ذي النجادين ، وأبو بكر وعمر ، وهو يقول : أدنيا مني أخاكما حتى أسنده في لحده . ثم قال لما فرغ من دفنه ، وقام على قبره مستقبل القبلة : اللهم إني أمسيت عنه راضيا ، فارض عنه . وكان ذلك ليلا ، قال : فوالله لقد رأيتني ولوددت أني مكانه ، ولقد أسلمت قبله بخمس عشرة سنة ، وأخذه من قبل القبلة . } رواه الخلال ، في " جامعه " .

وروى ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا ، فأسرج له سراج ، فأخذ من قبل القبلة ، وقال : رحمك الله ، إن كنت لأواها ، تلاء للقرآن . } قال الترمذي : هذا حديث حسن . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم { سأل عن رجل ، فقال : من هذا ؟ قالوا : فلان ، دفن البارحة . فصلى عليه } . أخرجه البخاري . فلم ينكر عليهم ، ولأنه أحد الآيتين ، فجاز الدفن فيه كالنهار ، وحديث الزجر محمول على الكراهة والتأديب ; فإن الدفن نهارا أولى ; لأنه أسهل على متبعها ، وأكثر للمصلين عليها ، وأمكن لإتباع السنة في دفنه وإلحاده .

التالي السابق


الخدمات العلمية