صفحة جزء
( 1674 ) مسألة ; ( قال : وإذا حضرت جنازة رجل وامرأة وصبي ، جعل الرجل مما يلي الإمام ، والمرأة خلفه ، والصبي خلفهما ) لا خلاف في المذهب أنه إذا اجتمع مع الرجال غيرهم ، أنه يجعل الرجال مما يلي الإمام ، وهو مذهب أكثر أهل العلم ، فإن كان معهم نساء وصبيان ، فنقل الخرقي هاهنا ، أن المرأة تقدم مما يلي الرجل ، ثم يجعل الصبي [ ص: 221 ] خلفهما مما يلي القبلة ; لأن المرأة شخص مكلف ، فهي أحوج إلى الشفاعة ، ولأنه قد روي عن عمار مولى الحارث بن نوفل ، أنه شهد جنازة أم كلثوم وابنها ، فجعل الغلام مما يلي القبلة ، فأنكرت ذلك ، وفي القوم ابن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو قتادة ، وأبو هريرة ، فقالوا : هذه السنة .

والمنصوص عن أحمد ، في رواية جماعة من أصحابه ، أن الرجال مما يلي الإمام ، والصبيان أمامهم ، والنساء يلين القبلة . وهذا مذهب أبي حنيفة ، والشافعي ; لأنهم يقدمون عليهن في الصف في الصلاة المكتوبة ، فكذلك يقدمون عليهن مما يلي الإمام عند اجتماع الجنائز ، كالرجال .

وأما حديث عمار ، فالصحيح فيه أنه جعلها مما يلي القبلة ، وجعل ابنها مما يليه . كذلك رواه سعيد ، وعمار مولى بني سليم ، عن عمار مولى بني هاشم . وأخرجه كذلك أبو داود ، والنسائي ، وغيرهما ، ولفظه قال : شهدت جنازة صبي وامرأة ، فقدم الصبي مما يلي القوم ، ووضعت المرأة وراءه وفي القوم أبو سعيد الخدري ، وابن عباس ، وأبو قتادة ، وأبو هريرة ، فقلنا لهم ، فقالوا : السنة . وأما الحديث الأول فلا يصح ; فإن زيد بن عمر هو ابن أم كلثوم بنت علي ، الذي صلي عليه معها ، وكان رجلا له أولاد . كذلك قال الزبير بن بكار .

ولا خلاف في تقديم الرجل على المرأة ، ولأن زيدا ضرب في حرب كانت بين عدي في خلافة بعض بني أمية فصرع وحمل ، ومات ، والتفت صارختان عليه وعلى أمه ، ولا يكون إلا رجلا . ( 1675 ) فصل : ولا خلاف في تقديم الخنثى على المرأة ; لأنه يحتمل أن يكون رجلا ، وأدنى أحواله أن يكون مساويا لها ، ولا في تقديم الحر على العبد ; لشرفه وتقديمه عليه في الإمامة ، ولا في تقديم الكبير على الصغير كذلك .

وقد روى الخلال ، بإسناده عن علي رضي الله عنه في جنازة رجل وامرأة ، وحر وعبد ، وصغير وكبير ، يجعل الرجل مما يلي الإمام ، والمرأة أمام ذلك ، والكبير مما يلي الإمام ، والصغير أمام ذلك ، والحر مما يلي الإمام ، والمملوك أمام ذلك . فإن اجتمع حر صغير وعبد كبير ، قال أحمد ، في رواية الحسن بن محمد ، في غلام حر وشيخ عبد : يقدم الحر إلى الإمام . هذا اختيار الخلال ، وغلط من روى خلاف ذلك ، واحتج بقول علي : الحر مما يلي الإمام ، والمملوك وراء ذلك .

ونقل أبو الحارث : يقدم أكبرهما إلى الإمام ، وهو أصح إن شاء الله تعالى ; لأنه يقدم في الصف في الصلاة . وقول علي أراد به إذا تساويا في الكبر والصغر ، بدليل أنه قال : والكبير مما يلي الإمام ، والصغير أمام ذلك .

( 1676 ) فصل : فإن كانوا نوعا واحدا ، قدم إلى الإمام أفضلهم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يوم أحد يدفن الاثنين والثلاثة في القبر الواحد ، ويقدم أكثرهم أخذا للقرآن . } ولأن الأفضل يقدم في صف المكتوبة ، فيقدم هاهنا ، كالرجال مع المرأة . وقد دل على الأصل قوله عليه السلام : { ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى . } وإن تساووا في الفضل ، قدم الأكبر فالأكبر . فإن تساووا قدم السابق . وقال القاضي : يقدم السابق وإن كان صبيا ، ولا تقدم المرأة وإن كانت سابقة ; لموضع الذكورية ، فإن تساووا قدم الإمام من شاء منهم ، فإن تشاح الأولياء في ذلك أقرع بينهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية