صفحة جزء
( 1681 ) مسألة : قال : ( ويخلع النعال إذا دخل المقابر ) . هذا مستحب ; لما روى بشير ابن الخصاصية ، قال : { بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي في القبور ، عليه نعلان ، فقال : يا صاحب السبتيتين ، ألق سبتيتيك . فنظر الرجل ، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما ، فرمى بهما } . رواه أبو داود . وقال أحمد : إسناد حديث بشير ابن الخصاصية جيد ، أذهب إليه ، إلا من علة . وأكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسا .

قال جرير بن حازم : رأيت الحسن ، وابن سيرين ، يمشيان بين القبور في نعالهما .

ومنهم من احتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه يسمع قرع نعالهم } . رواه البخاري .

وقال أبو الخطاب : يشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما كره للرجل المشي في نعليه لما فيهما من الخيلاء ، فإن نعال السبت من لباس أهل النعيم ، قال عنترة :

يحذى نعال السبت ليس بتوأم

ولنا ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي تقدم ، وأقل أحواله الندب ، ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع ، وزي أهل التواضع ، واحترام أموات المسلمين ، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الميت يسمع قرع نعالهم لا ينفي الكراهة ، فإنه يدل على وقوع هذا منهم ، ولا نزاع في وقوعه وفعلهم إياه مع كراهيته ، فأما إن كان للماشي عذر يمنعه من خلع نعليه ، مثل الشوك يخافه على قدميه ، أو نجاسة تمسهما ، لم يكره المشي في النعلين .

قال أحمد ، في الرجل يدخل المقابر وفيها شوك يخلع نعليه : هذا يضيق على الناس حتى يمشي الرجل في الشوك ، وإن فعله فحسن ، هو أحوط ، وإن لم يفعله رجل . يعني لا بأس . وذلك لأن العذر يمنع الوجوب في بعض الأحوال ، والاستحباب أولى ، ولا يدخل في الاستحباب نزع الخفاف ; لأن نزعها يشق . وقد روي عن أحمد أنه كان إذا أراد أن يخرج إلى الجنازة لبس خفيه ، مع أمره بخلع النعال . وذكر القاضي أن الكراهة لا تتعدى النعال إلى الشمشكات ولا غيرها ; لأن النهي غير معلل ، فلا يتعدى محله .

التالي السابق


الخدمات العلمية