صفحة جزء
( 166 ) مسألة : قال : ومسح الرأس لا خلاف في وجوب مسح الرأس ، وقد نص الله تعالى عليه بقوله { فامسحوا برءوسكم } . واختلف في قدر الواجب ; فروي عن أحمد وجوب مسح جميعه في حق كل أحد . وهو ظاهر كلام الخرقي ومذهب مالك وروي عن أحمد يجزئ مسح بعضه . قال أبو الحارث قلت لأحمد فإن مسح برأسه وترك بعضه ؟ قال : يجزئه . ثم قال : ومن يمكنه أن يأتي على الرأس كله ، وقد نقل عن سلمة بن الأكوع ، أنه كان يمسح مقدم رأسه ، وابن عمر مسح اليافوخ .

وممن قال بمسح البعض الحسن والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي ، إلا أن الظاهر عن أحمد رحمه الله ، في حق الرجل ، وجوب الاستيعاب ، وأن المرأة يجزئها مسح مقدم رأسها . قال الخلال العمل في مذهب أحمد أبي عبد الله أنها إن مسحت مقدم رأسها أجزأها . وقال مهنا : قال أحمد :

[ ص: 87 ] أرجو أن تكون المرأة في مسح الرأس أسهل . قلت له : ولم ؟ قال : كانت عائشة تمسح مقدم رأسها . واحتج من أجاز مسح البعض بأن المغيرة بن شعبة ، روى { أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعمامته . } { وإن عثمان مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة ولم يستأنف له ماء جديدا ، حين حكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم . } رواه سعيد ; ولأن من مسح بعض رأسه يقال : مسح برأسه ، كما يقال : مسح برأس اليتيم وقبل رأسه . وزعم بعض من ينصر ذلك أن الباء للتبعيض ، فكأنه قال : وامسحوا بعض رءوسكم ، ولنا قول الله تعالى { : وامسحوا برءوسكم } ، والباء للإلصاق ، فكأنه قال : وامسحوا رءوسكم . فيتناول الجميع . كما قال في التيمم { : وامسحوا بوجوهكم } .

وقولهم : " الباء للتبعيض " غير صحيح ، ولا يعرف أهل العربية ذلك ، قال ابن برهان : من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه . وحديث المغيرة يدل على جواز المسح على العمامة ، ونحن نقول به ; ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما توضأ مسح رأسه كله ، وهذا يصلح أن يكون مبينا للمسح المأمور به ، وما ذكروه من اللفظ مجاز لا يعدل إليه عن الحقيقة إلا بدليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية