صفحة جزء
( 167 ) فصل : وإذا قلنا بجواز مسح البعض ، فمن أي موضع مسح أجزأه ; لأن الجميع رأس ، إلا أنه لا يجزئ مسح الأذنين عن الرأس ; لأنهما تبع ، فلا يجتزئ بهما عن الأصل ، والظاهر عن أبي عبد الله أنه لا يجب مسحهما ، وإن وجب الاستيعاب ; لأن الرأس عند إطلاق لفظه إنما يتناول ما عليه الشعر . واختلف أصحابنا في قدر البعض المجزئ ، فقال القاضي : قدر الناصية ; لحديث المغيرة . أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح ناصيته .

وحكى أبو الخطاب ، وبعض أصحاب الشافعي ، عن أحمد : أنه لا يجزئ إلا مسح أكثره ; لأن الأكثر ينطلق عليه اسم الشيء الكامل . وقال أبو حنيفة يجزئ مسح ربعه . وقال الشافعي يجزئ مسح ما يقع عليه الاسم ، وأقله ثلاث شعرات .

وحكي عنه : لو مسح ثلاث شعرات ، وحكي عنه : لو مسح شعرة ، أجزأه ، لوقوع الاسم عليها . ووجه ما قاله القاضي : إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بيانا لما أمر به ، فيحمل عليه . ( 168 ) فصل : والمستحب في مسح الرأس أن يبل يديه ثم يضع طرف إحدى سبابتيه على طرف الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه ، ويضع الإبهامين على الصدغين ، ثم يمر يديه إلى قفاه ، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه . كما روى عبد الله بن زيد { في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فمسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر ، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه . } متفق عليه .

وكذلك وصف المقدام بن معدي كرب ، رواه أبو داود . فإن كان ذا شعر يخاف أن ينتفش برد يديه لم يردهما . نص عليه أحمد فإنه قيل له : من له شعر إلى منكبيه ، كيف يمسح في الوضوء ؟ فأقبل أحمد بيديه على رأسه مرة ، وقال : هكذا كراهية أن ينتشر شعره . يعني أنه يمسح إلى قفاه ولا يرد يديه .

قال أحمد حديث علي هكذا . وإن شاء مسح ، كما روي عن الربيع ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها ، فمسح رأسه كله من فرق الشعر كل ناحية لمصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته . } رواه أبو داود .

وسئل أحمد كيف تمسح المرأة ؟ فقال : هكذا . ووضع يده على وسط رأسه ، ثم [ ص: 88 ] جرها إلى مقدمه ، ثم رفعها فوضعها حيث منه بدأ ، ثم جرها إلى مؤخره . وكيف مسح بعد استيعاب قدر الواجب أجزأه .

التالي السابق


الخدمات العلمية