صفحة جزء
( 1820 ) مسألة : قال : ( ومن رهن ماشية ، فحال عليها الحول ، أدى منها إذا لم يكن له ما يؤدي عنها ، والباقي رهن ) وجملة ذلك أنه إذا رهن ماشية ، فحال الحول وهي في يد المرتهن ، وجبت زكاتها على الراهن ; لأن ملكه فيها تام ، فإن أمكنه أداؤها من غيرها ، وجبت ; لأن الزكاة من مؤنة الرهن ، ومؤنة الرهن تلزم الراهن ، كنفقة النصاب ، ولا يخرجها من النصاب ، لأن حق المرتهن متعلق به تعلقا يمنع تصرف الراهن فيه ، والزكاة لا يتعين إخراجها منه ، فلم يملك إخراجها منه كزكاة مال سواه .

وإن لم يكن له ما يؤدي منه سوى هذا الرهن ، فلا يخلو من أن يكون له مال يمكن قضاء الدين منه ، ويبقى بعد قضائه نصاب كامل ، مثل أن تكون الماشية زائدة على النصاب قدرا يمكن قضاء الدين منه ، ويبقى النصاب ، فإنه يخرج الزكاة من الماشية ، ويقدم حق الزكاة على حق المرتهن ، لأن المرتهن يرجع إلى بدل ، وهو استيفاء الدين ، وحقوق الفقراء في الزكاة لا بدل لها . وإن لم يكن له مال يقضي به الدين ، ويبقى بعد قضائه نصاب ، ففيه روايتان : إحداهما ، تجب الزكاة أيضا . ولا يمنع الدين وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة ، وهي المواشي والحبوب .

قاله في رواية الأثرم . قال : لأن المصدق لو جاء فوجد إبلا وغنما ، لم يسأل صاحبها أي شيء عليك من الدين ، ولكنه يزكيها ، والمال ليس كذلك ، وهذا ظاهر كلام الخرقي هاهنا ; لأن كلامه عام في كل ماشية ، وذلك لأن وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة آكد ; لظهورها ، وتعلق قلوب الفقراء بها ، لرؤيتهم . إياها ، ولأن الحاجة إلى حفظها أشد ، ولأن الساعي يتولى أخذ الزكاة منها ولا يسأل عن دين صاحبها . والرواية الثانية ; لا تجب الزكاة فيها . ويمنع الدين وجوب الزكاة في الأموال كلها من الظاهرة والباطنة .

قال ابن أبي موسى : الصحيح من مذهبه أن الدين يمنع وجوب الزكاة على كل حال . وهذا مذهب أبي حنيفة . وروي ذلك عن ابن عباس ، ومكحول ، والثوري . وحكى ذلك ابن المنذر عنهم في الزرع إذا استدان عليه صاحبه ; لأنه أحد نوعي الزكاة ، فيمنع الدين وجوبها ، كالنوع الآخر ، ولأن المدين محتاج ، والصدقة إنما تجب على الأغنياء ، بقوله عليه السلام : { أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائهم ، فأردها في فقرائهم } . { وقوله عليه السلام : لا صدقة إلا عن ظهر غنى } .

وروى أبو عبيد ، في كتاب " الأموال " ، عن السائب بن يزيد ، قال : سمعت عثمان بن عفان يقول : هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده ، حتى تخرجوا زكاة أموالكم ، ومن لم يكن عنده زكاة لم تطلب منه ، حتى يأتي تطوعا . قال إبراهيم النخعي : أراه يعني شهر رمضان .

التالي السابق


الخدمات العلمية