صفحة جزء
( 1849 ) فصل : وعلى الخارص أن يترك في الخرص الثلث أو الربع ، توسعة على أرباب الأموال ; لأنهم يحتاجون إلى الأكل هم وأضيافهم ، ويطعمون جيرانهم وأهلهم وأصدقاءهم وسؤالهم . ويكون في الثمرة السقاطة ، وينتابها الطير وتأكل منه المارة ، فلو استوفى الكل منهم أضر بهم . وبهذا قال إسحاق ، ونحوه قال الليث ، وأبو عبيد .

والمرجع في تقدير المتروك إلى الساعي باجتهاده ، فإن رأي الأكلة كثيرا ترك الثلث ، وإن كانوا قليلا ترك الربع ; لما روى سهل بن أبي حثمة { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع } . رواه أبو عبيد ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي . وروى أبو عبيد ، بإسناده عن مكحول ، قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراص قال : خففوا على الناس ، فإن في المال العرية والواطئة والأكلة } . قال أبو عبيد : الواطئة : السابلة سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين . والأكلة : أرباب الثمار وأهلوهم ، ومن لصق بهم . ومنه حديث سهل في مال سعد بن أبي سعد ، حين قال : لولا أني وجدت فيه أربعين عريشا ، لخرصته تسعمائة وسق ، وكانت تلك العرش لهؤلاء الأكلة . والعرية : النخلة أو النخلات يهب إنسانا ثمرتها .

فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : ليس في العرايا صدقة } . وروى ابن المنذر ، عن عمر رضي الله عنه أنه قال لسهل بن أبي حثمة : إذا أتيت على نخل قد حضرها قوم ، فدع لهم ما يأكلون . والحكم في العنب كالحكم في النخيل سواء ، فإن لم يترك لهم الخارص شيئا ، فلهم الأكل بقدر ذلك ، ولا يحتسب عليهم به .

نص عليه ; لأنه حق لهم ، فإن لم يخرج الإمام خارصا فاحتاج رب المال إلى التصرف في الثمرة ، فأخرج خارصا ، جاز أن يأخذ بقدر ذلك . ذكره القاضي . وإن خرص هو وأخذ بقدر ذلك ، جاز ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر مما له أخذه .

التالي السابق


الخدمات العلمية