صفحة جزء
( 1857 ) فصل : ونصاب العسل عشرة أفراق . وهذا قول الزهري وقال أبو يوسف ، ومحمد : خمسة أوساق ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة . } وقال أبو حنيفة : تجب في قليله وكثيره ، بناء على أصله في الحبوب والثمار . ووجه الأول ما روي عن عمر رضي الله عنه أن ناسا سألوه ، فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لنا واديا باليمن ، فيه خلايا من نحل ، وإنا نجد ناسا يسرقونها . فقال عمر رضي الله عنه : إن أديتم صدقتها ، من كل عشرة أفراق فرقا ، حميناها لكم . . رواه الجوزجاني .

وهذا تقدير من عمر رضي الله عنه فيتعين المصير إليه . إذا ثبت هذا فإن الفرق ستة عشر رطلا بالعراقي ، فيكون نصابه مائة وستين رطلا . وقال أحمد ، في رواية أبي داود : قال الزهري ، في عشرة أفراق فرق ، والفرق ستة عشر رطلا .

وقال ابن حامد الفرق ستون رطلا ، فيكون النصاب ستمائة رطل ، فإنه يروي أن الخليل بن أحمد ، قال : الفرق ، بإسكان الراء : مكيال ضخم من مكاييل أهل العراق . وقيل : هو مائة وعشرون رطلا ، ويحتمل أن يكون نصابه ألف رطل ، لحديث عمرو بن شعيب ، أنه كان يؤخذ في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها . والقربة عند الإطلاق مائة رطل ، بدليل أن القلتين خمس قرب ، وهي خمسمائة رطل .

وروى سعيد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، أخبرني عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذباب ، عن أبيه ، عن جده أنه قال لقومه : إنه لا خير في مال لا زكاة فيه . قال : فأخذت من كل عشر قرب قربة ، فجئت بها إلى عمر بن الخطاب ، فأخذها ، فجعلها في صدقات المسلمين . ووجه الأول قول عمر : من كل عشرة أفراق فرقا والفرق ، بتحريك الراء : ستة عشر رطلا .

قال أبو عبيد : لا خلاف بين الناس أعلمه ، في أن الفرق ثلاثة آصع { . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة : أطعم ستة مساكين فرقا من طعام . فقد بين أنه ثلاثة آصع . } وقالت عائشة : { كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء ، هو الفرق } . هذا هو المشهور فينصرف الإطلاق إليه . والفرق : هو مكيال ضخم لا يصح حمله عليه ; لوجوه : أحدها ، أنه غير مشهور في كلامهم ، فلا يحمل عليه المطلق من كلامهم .

قال ثعلب : قل فرق ولا تقل فرق . قال خداش بن زهير : يأخذون الأرش في إخوتهم فرق السمن وشاة في الغنم الثاني ، أن عمر ، قال : من كل عشرة أفراق فرق ، والأفراق جمع فرق ، بفتح الراء ، وجمع الفرق ، بإسكان الراء ، فروق ، وفي القلة أفرق ; لأن ما كان على وزن فعل ساكن العين غير معتل ، فجمعه في القلة أفعل ، وفي الكثرة فعال أو فعول .

والثالث ، أن الفرق الذي هو مكيال ضخم من مكاييل أهل العراق لا [ ص: 307 ] يحمل عليه كلام عمر رضي الله عنه وإنما يحمل كلام عمر ، رضي الله عنه على مكاييل أهل الحجاز ; لأنه بها ومن أهلها ، ويؤكد ما ذكرنا تفسير الزهري له في نصاب العسل بما قلناه والإمام أحمد ذكره في معرض الاحتجاج به ، فيدل على أنه ذهب إليه . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية