صفحة جزء
( 183 ) مسألة : قال : والوضوء مرة مرة يجزئ ، والثلاث أفضل هذا قول أكثر أهل العلم ، إلا أن مالكا لم يوقت مرة ولا ثلاثا ، قال : إنما قال الله تعالى : { فاغسلوا وجوهكم } .

وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز : الوضوء ثلاثا ثلاثا إلا غسل الرجلين ، فإنه ينقيهما . وقد روي عن ابن عباس قال : { توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة } رواه البخاري ، وروى أبو هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { توضأ مرتين مرتين } رواه الترمذي . وقال : هذا حديث حسن غريب . وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم { توضأ ثلاثا ثلاثا } . قال الترمذي : حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح .

وقال سعيد : حدثنا سلام الطويل ، عن زيد العمي ، عن معاوية بن قرة ، عن ابن عمر ، أن { رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء ، فتوضأ مرة مرة ، ثم قال : هذا وظيفة الوضوء ، وضوء من لا يقبل الله له صلاة إلا به ، ثم تحدث ساعة ، ثم دعا بماء فتوضأ مرتين ، مرتين ، فقال : هذا وضوء من توضأه ضاعف الله له الأجر مرتين ، ثم تحدث ساعة ، ثم دعا بماء ، فتوضأ ثلاثا ثلاثا ، فقال : هذا وضوئي ووضوء النبيين من قبلي } . وروى ابن ماجه بإسناده عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا ،

وروى مسلم في صحيحه ، { أن عثمان دعا بوضوء فتوضأ وغسل كفيه ثلاث مرات ، ثم تمضمض واستنثر ، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ، ثم غسل اليسرى مثل ذلك ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه } .

قال ابن شهاب وكان علماؤنا يقولون : هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة . ( 184 ) فصل : وإن غسل بعض أعضائه مرة وبعضها أكثر ، جاز لأنه إذا جاز ذلك في الكل جاز في البعض ، وفي حديث عبد الله بن زيد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { توضأ فغسل وجهه ثلاثا ، وغسل يديه مرتين ، ومسح برأسه مرة . } متفق عليه .

[ ص: 95 ] فصل : قال أحمد رحمه الله : لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى . وقال ابن المبارك لا آمن من ازداد على الثلاث أن يأثم . وقال إبراهيم النخعي تشديد الوضوء من الشيطان ، لو كان هذا فضلا لأوثر به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . وروى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال { : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الوضوء ، فأراه ثلاثا ثلاثا ، ثم قال : هذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم . } رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

( 186 ) فصل : وإذا فرغ من وضوئه استحب أن يرفع نظره إلى السماء ، ثم يقول . ما رواه مسلم في صحيحه ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء } . ورواه أبو بكر الخلال بإسناده ، وفيه : { من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم رفع نظره إلى السماء وفيه : اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين . }

التالي السابق


الخدمات العلمية