صفحة جزء
( 1958 ) مسألة : قال وإن أعطى أهل البادية الأقط صاعا ، أجزأ إذا كان قوتهم ، أكثر أهل العلم يوجبون صدقة الفطر على أهل البادية . روي ذلك عن ابن الزبير ، وبه قال سعيد بن المسيب ، والحسن ، ومالك ، والشافعي ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي .

وقال عطاء ، والزهري ، وربيعة : لا صدقة عليهم . ولنا ، عموم الحديث ، ولأنها زكاة ، فوجبت عليهم كزكاة المال ، ولأنهم مسلمون ، فيجب عليهم صدقة الفطر كغيرهم . إذا ثبت هذا ، فإنه يجزئ أهل البادية إخراج الأقط إذا كان قوتهم . وكذلك من لم يجد من الأصناف المنصوص عليها سواه .

فأما من وجد سواه فهل يجزئ ؟ على روايتين : إحداهما ، يجزئه أيضا ; لحديث أبي سعيد الذي ذكرناه ، وفي بعض ألفاظه قال { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط . } أخرجه النسائي . والثانية ، لا يجزئه ; لأنه جنس لا تجب الزكاة فيه ، فلا يجزئ إخراجه لمن يقدر على غيره من الأجناس المنصوص عليها كاللحم . ويحمل الحديث على من هو قوت له ، أو لم يقدر على غيره ، فإن قدر على غيره مع كونه قوتا له ، فظاهر كلام الخرقي جواز إخراجه .

وإن قدر على غيره سواء كان من أهل البادية أو لم يكن ; لأن الحديث لم يفرق . وقول أبي سعيد : كنا نخرج صاعا من أقط ، وهم من أهل الأمصار ، وإنما خص أهل البادية بالذكر ; لأن الغالب أنه لا يقتاته غيرهم .

وقال أبو الخطاب : لا يجزئ إخراج الأقط مع القدرة على ما سواه في إحدى الروايتين . وظاهر الحديث يدل على خلافه . وذكر القاضي أنه إذا عدم الأقط ، وقلنا له إخراجه ، جاز إخراج اللبن ; لأنه أكمل من الأقط ، لأنه يجيء منه الأقط وغيره . وحكاه أبو ثور ، عن الشافعي .

وقال الحسن : إن لم يكن بر ولا شعير أخرج صاعا من لبن . وظاهر قول الخرقي يقتضي أنه لا يجزئ اللبن بحال ; لقوله : من كل حبة أو ثمرة تقتات . وقد حملنا ذلك على حالة العدم . ولا يصح ما ذكروه ; لأنه لو كان أكمل من الأقط ، لجاز إخراجه مع وجوده ، ولأن الأقط أكمل من اللبن من وجه ; لأنه بلغ حالة الادخار وهو جامد ، بخلاف اللبن ، لكن يكون حكم اللبن حكم اللحم ، يجزئ إخراجه عند عدم الأصناف المنصوص عليها على قول ابن حامد ، ومن وافقه . وكذلك الجبن وما أشبهه

التالي السابق


الخدمات العلمية