صفحة جزء
[ ص: 355 ] مسألة : قال : واختيار أبي عبد الله إخراج التمر . وبهذا قال مالك . قال ابن المنذر : واستحب مالك إخراج العجوة منه . واختار الشافعي ، وأبو عبيد إخراج البر .

وقال بعض أصحاب الشافعي : يحتمل أن يكون الشافعي قال ذلك ; لأن البر كان أغلى في وقته ومكانه لأن المستحب أن يخرج أغلاها ثمنا وأنفسها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن أفضل الرقاب ، فقال : { أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها } وإنما اختار أحمد إخراج التمر اقتداء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعا له . وروى بإسناده ، عن أبي مجلز ، قال : قلت لابن عمر : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله قد أوسع ، والبر أفضل من التمر } قال : إن أصحابي سلكوا طريقا ، وأنا أحب أن أسلكه . وظاهر هذا أن جماعة الصحابة كانوا يخرجون التمر فأحب ابن عمر موافقتهم ، وسلوك طريقتهم ، وأحب أحمد ، أيضا الاقتداء بهم واتباعهم .

وروى البخاري ، عن ابن عمر ، أنه قال : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر ، صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، فعدل الناس به صاعا من بر . } فكان ابن عمر يخرج التمر ، فأعوز أهل المدينة من التمر ، فأعطى شعيرا . ولأن التمر فيه قوة وحلاوة وهو أقرب تناولا وأقل كلفة ، فكان أولى ( 1960 ) فصل : والأفضل بعد التمر البر .

وقال بعض أصحابنا : الأفضل بعده الزبيب ; لأنه أقرب تناولا وأقل كلفة فأشبه التمر . ولنا ، أن البر أنفع في الاقتيات ، وأبلغ في دفع حاجة الفقير . وكذلك قال أبو مجلز لابن عمر : البر أفضل من التمر . يعني أنفع وأكثر قيمة . ولم ينكره ابن عمر وإنما عدل عنه اتباعا لأصحابه ، وسلوكا لطريقتهم . ولهذا عدل نصف صاع منه بصاع من غيره .

وقال معاوية : إني لأرى مدين من سمراء الشام يعدل صاعا من التمر . فأخذ الناس به ، وتفضيل التمر إنما كان لاتباع الصحابة ، ففيما عداه يبقى على مقتضى الدليل في تفضيل البر . ويحتمل أن يكون الأفضل بعد التمر ما كان أعلى قيمة وأكثر نفعا

التالي السابق


الخدمات العلمية