صفحة جزء
( 1972 ) فصل : وتجب فطرة العبد الحاضر والغائب الذي تعلم حياته ، والآبق ، والصغير والكبير ، والمرهون ، والمغصوب . قال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم على أن على المرء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر غير المكاتب ، والمغصوب ، والآبق ، وعبيد التجارة . فأما الغائب ، فعليه فطرته إذا علم أنه حي ، سواء رجا رجعته أو [ ص: 361 ] أيس منها ، وسواء كان مطلقا أو محبوسا كالأسير وغيره .

قال ابن المنذر : أكثر أهل العلم يرون أن تؤدى زكاة الفطر عن الرقيق ، غائبهم وحاضرهم . لأنه مالك لهم ، فوجبت فطرتهم عليه كالحاضرين . وممن أوجب فطرة الآبق الشافعي ، وأبو ثور ، وابن المنذر . وأوجبها الزهري إذا علم مكانه والأوزاعي إن كان في دار الإسلام . ومالك إن كانت غيبته قريبة . ولم يوجبها عطاء ، والثوري ، وأصحاب الرأي ; لأنه لا يلزمه الإنفاق عليه ، فلا تجب فطرته كالمرأة الناشز . ولنا ، أنه مال له ، فوجبت زكاته في حال غيبته ، كمال التجارة .

ويحتمل أن لا يلزمه إخراج زكاته حتى يرجع إلى يده كزكاة الدين والمغصوب . ذكره ابن عقيل . ووجه القول الأول ، أن زكاة الفطر تجب تابعة للنفقة ، والنفقة تجب مع الغيبة ; بدليل أن من رد الآبق رجع بنفقته . وأما من شك في حياته منهم ، وانقطعت أخباره ، لم تجب فطرته ، نص عليه ، في رواية صالح ; لأنه لا يعلم بقاء ملكه عليه ، ولو أعتقه في كفارته لم يجزئه ، فلم تجب فطرته كالميت . فإن مضت عليه سنون ، ثم علم حياته ، لزمه الإخراج لما مضى ; لأنه بان له وجود سبب الوجوب في الزمن الماضي ، فوجب عليه الإخراج لما مضى ، كما لو سمع بهلاك ماله الغائب ، ثم بان أنه كان سالما . والحكم في القريب الغائب ، كالحكم في البعيد ; لأنهم ممن تجب فطرتهم مع الحضور ، فكذلك مع الغيبة كالعبيد . ويحتمل أن لا تجب فطرتهم مع الغيبة ; لأنه لا يلزمه بعث نفقتهم إليهم ، ولا يرجعون بالنفقة الماضية

التالي السابق


الخدمات العلمية