صفحة جزء
( 1977 ) فصل : وإذا لم يفضل إلا صاع أخرجه عن نفسه ; لقوله عليه السلام : { ابدأ بنفسك ثم بمن تعول } ولأن الفطرة تنبني على النفقة ، فكما يبدأ بنفسه في النفقة فكذلك في الفطرة . فإن فضل آخر أخرجه عن امرأته ; لأن نفقتها آكد ، فإن نفقتها تجب على سبيل المعاوضة مع اليسار والإعسار ونفقة الأقارب صلة تجب مع اليسار دون الإعسار . فإن فضل آخر أخرجه عن رقيقه ; لوجوب نفقتهم في الإعسار .

وقال ابن عقيل : يحتمل تقديم الرقيق على الزوجة ; لأن فطرته متفق عليها ، وفطرتها مختلف فيها . فإن فضل آخر أخرجه عن ولده الصغير ، لأن نفقته منصوص عليها ومجمع عليها .

وفي الوالد والولد الكبير وجهان ; أحدهما ، يقدم الولد [ ص: 363 ] لأنه كبعضه . والثاني الوالد ; لأنه كبعض والده . وتقدم فطرة الأم على فطرة الأب ، لأنها مقدمة في البر ، بدليل { قول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي لما سأله من أبر ؟ قال أمك . قال : ثم من ؟ قال أمك . قال ثم من قال أمك قال ثم من ؟ قال ثم أباك } . ولأنها ضعيفة عن الكسب .

ويحتمل تقديم فطرة الأب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { أنت ومالك لأبيك } . ثم بالجد ، ثم الأقرب فالأقرب ، على ترتيب العصبات في الميراث . ويحتمل تقديم فطرة الولد على فطرة المرأة ; لما روى أبو هريرة ، قال : { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة ، فقام رجل فقال : يا رسول الله : عندي دينار . قال : تصدق به على نفسك . قال : عندي آخر . قال : تصدق به على ولدك . قال عندي آخر ، قال : تصدق به على زوجتك . قال : عندي آخر ، قال : تصدق به على خادمك . قال عندي آخر ، قال : أنت أبصر . } فقدم الولد في الصدقة عليه ، فكذلك في الصدقة عنه . ولأن الولد كبعضه ، فيقدم كتقديم نفسه ، ولأنه إذا ضيع ولده لم يجد من ينفق عليه ، فيضيع ، والزوجة إذا لم ينفق عليها فرق بينهما ، وكان لها من يمونها ، من زوج أو ذي رحم .

ولأن نفقة الزوجة على سبيل المعاوضة ، فكانت أضعف في استتباع الفطرة من النفقة الواجبة على سبيل الصلة ; لأن وجوب العوض المقدر لا يقتضي وجوب زيادة عليه يتصدق بها عمن له العوض ولهذا لم تجب فطرة الأخير المشروط له مؤنته ، بخلاف القرابة ، فإنها كما اقتضت صلته بالإنفاق عليه ، اقتضت صلته بتطهيره بإخراج الفطرة عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية