صفحة جزء
( 2008 ) فصل : ويجب تعيين النية في كل صوم واجب ، وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان ، أو من قضائه ، أو من كفارته ، أو نذره . نص عليه أحمد ، في رواية الأثرم ، فإنه قال : قلت لأبي عبد الله : أسير صام في أرض الروم شهر رمضان ، ولا يعلم أنه رمضان ، ينوي التطوع ؟ قال : لا يجزئه إلا بعزيمة أنه من رمضان . ولا يجزئه في يوم الشك إذا أصبح صائما ، وإن كان من رمضان إلا بعزيمة من الليل أنه من رمضان . وبهذا قال مالك ، والشافعي . وعن أحمد ، رواية أخرى ، أنه لا يجب تعيين النية لرمضان .

فإن المروذي روى عن أحمد ، أنه قال : يكون يوم الشك يوم غيم إذا أجمعنا على أننا نصبح صياما يجزئنا من رمضان ، وإن لم نعتقد أنه من رمضان ؟ قال : نعم . قلت فقول النبي صلى الله عليه وسلم { : إنما الأعمال بالنيات } . أليس يريد أن ينوي أنه من رمضان ؟ قال : لا ، إذا نوى من الليل أنه صائم أجزأه . وحكى أبو حفص العكبري ، عن بعض أصحابنا أنه قال : ولو نوى نفلا وقع عنه رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة .

وقال بعض أصحابنا : ولو نوى أن يصوم تطوعا ليلة الثلاثين من رمضان ، فوافق رمضان ، أجزأه . قال القاضي : وجدت هذا الكلام اختيارا لأبي القاسم ، ذكره في " شرحه " . وقال أبو حفص : لا يجزئه ، إلا أن يعتقد من الليل بلا شك ولا تلوم . فعلى القول الثاني : لو نوى في رمضان الصوم مطلقا ، أو نوى نفلا ، وقع عن رمضان ، وصح صومه . وهذا قول أبي حنيفة إذا كان مقميا ; لأنه فرض مستحق في زمن بعينه ، فلا يجب تعيين النية له ، كطواف الزيارة .

ولنا أنه صوم واجب ، فوجب تعيين النية له ، كالقضاء وطواف الزيارة ، كمسألتنا في افتقاره إلى التعيين ، فلو [ ص: 10 ] طاف ينوي به الوداع ، أو طاف بنية الطواف مطلقا ، لم يجزئه عن طواف الزيارة . ثم الحج مخالف للصوم ، ولهذا ينعقد مطلقا ، وينصرف إلى الفرض . ولو حج عن غيره ، ولم يكن حج عن نفسه ، وقع عن نفسه . ولو نوى الإحرام بمثل ما أحرم به فلان ، صح ، وينعقد فاسدا ، بخلاف الصوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية