صفحة جزء
( 195 ) فصل : وليس لهم اللبث في المسجد ، لقول الله تعالى : { ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا . } وروت عائشة ، قالت : { جاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة في المسجد ، فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد ; فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب } رواه أبو داود . ويباح العبور للحاجة ، من أخذ شيء ، أو تركه ، أو كون الطريق فيه ، فأما لغير ذلك فلا يجوز بحال . وممن نقلت عنه الرخصة في العبور : ابن مسعود وابن عباس وابن المسيب وابن جبير والحسن ومالك والشافعي وقال الثوري وإسحاق لا يمر في المسجد إلا أن لا يجد بدا ، فيتيمم .

وهو قول أصحاب الرأي ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا أحل المسجد لحائض ولا جنب . } ولنا قول الله تعالى : ( إلا عابري سبيل ) ، والاستثناء من المنهي عنه إباحة . وعن عائشة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : ناوليني الخمرة من المسجد . قالت : إني حائض ، قال إن حيضتك ليست في يدك } . رواه مسلم . وعن جابر قال : كنا نمر في المسجد ونحن جنب . رواه ابن المنذر

وعن زيد بن أسلم ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون في المسجد وهم جنب رواه ابن المنذر أيضا . وهذا إشارة إلى جميعهم ، فيكون إجماعا . ( 196 ) فصل : فأما المستحاضة ، ومن به سلس البول ، فلهم اللبث في المسجد والعبور إذا أمنوا تلويث المسجد ; لما روي عن عائشة أن { امرأة من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكفت معه وهي مستحاضة ، فكانت ترى الحمرة والصفرة ، وربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي . } رواه البخاري . ولأنه حدث لا يمنع الصلاة فلم يمنع اللبث ، كخروج الدم اليسير من أنفه .

فإن خاف تلويث المسجد فليس له العبور ; فإن المسجد يصان عن هذا ، كما يصان عن البول فيه . ولو خشيت الحائض تلويث المسجد بالعبور فيه ، لم يكن لها ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية