صفحة جزء
( 2015 ) فصل : وإن نوى المسافر الصوم في سفره ، ثم بدا له أن يفطر ، فله ذلك . واختلف قول الشافعي فيه ، فقال مرة : لا يجوز له الفطر ، وقال مرة أخرى : إن صح حديث الكديد لم أر به بأسا أن يفطر . وقال [ ص: 14 ] مالك : إن أفطر فعليه القضاء والكفارة ; لأنه أفطر في صوم رمضان ، فلزمه ذلك ، كما لو كان حاضرا .

ولنا ، حديث ابن عباس ، وهو حديث صحيح متفق عليه . وروى جابر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح ، فصام حتى بلغ كراع الغميم ، وصام الناس معه ، فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصيام ، وإن الناس ينظرون ما فعلت ، فدعا بقدح من ماء بعد العصر ، فشرب والناس ينظرون ، فأفطر بعضهم ، وصام بعضهم ، فبلغه أن ناسا صاموا ، فقال : أولئك العصاة . } رواه مسلم . وهذا نص صريح لا يعرج على من خالفه . إذا ثبت هذا فإن له أن يفطر بما شاء من أكل وشرب وغيرهما ، إلا الجماع ، هل له أن يفطر به أم لا ؟ فإن أفطر بالجماع ففي الكفارة روايتان ; الصحيح منهما أنه لا كفارة عليه .

وهو مذهب الشافعي . والثانية ، يلزمه كفارة ; لأنه أفطر بجماع فلزمته كفارة ; كالحاضر . ولنا أنه صوم لا يجب المضي فيه ، فلم تجب الكفارة بالجماع فيه ، كالتطوع ، وفارق الحاضر الصحيح ، فإنه يجب عليه المضي في الصوم ، وإن كان مريضا يباح له الفطر فهو كالمسافر ، ولأنه يفطر بنية الفطر ، فيقع الجماع بعد حصول الفطر ، فأشبه ما لو أكل ثم جامع . ومتى أفطر المسافر فله فعل جميع ما ينافي الصوم ، من الأكل والشرب والجماع وغيره ; لأن حرمتها بالصوم ، فتزول بزواله ، كما لو زال بمجيء الليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية