صفحة جزء
( 2058 ) فصل : وإن أكره الرجل على الجماع ، فسد صومه ; لأنه إذا أفسد صوم المرأة فصوم الرجل أولى . وأما الكفارة ، فقال القاضي : عليه الكفارة ; لأن الإكراه على الوطء لا يمكن ، لأنه لا يطأ حتى ينتشر ، ولا ينتشر إلا عن شهوة ، فكان كغير المكره . وقال أبو الخطاب : فيه . روايتان ; إحداهما ، لا كفارة عليه . وهو مذهب الشافعي ; لأن الكفارة إما أن تكون عقوبة ، أو ماحية للذنب ، ولا حاجة إليها مع الإكراه ، لعدم الإثم فيه ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم { عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه } ولأن الشرع لم يرد بوجوب الكفارة فيه ، ولا يصح قياسه على ما ورد الشرع فيه ، لاختلافهما في وجود العذر وعدمه .

فأما إن كان نائما ، مثل أن كان عضوه منتشرا في حال نومه ، فاستدخلته امرأته . فقال ابن عقيل : لا قضاء عليه ولا كفارة . وكذلك إن كان إلجاء ، مثل أن غلبته في حال يقظته على نفسه . وهذا مذهب الشافعي ; لأنه معنى حرمه الصوم حصل بغير اختياره ، فلم يفطر به ، كما لو أطارت الريح إلى حلقه ذبابة . وظاهر كلام أحمد ، أن عليه القضاء ; لأنه قال في المرأة إذا غصبها رجل نفسها فجامعها : عليها القضاء . فالرجل أولى .

ولأن الصوم عبادة يفسدها الجماع ، فاستوى في ذلك حالة الاختيار والإكراه ، كالحج ، ولا يصح قياس الجماع على غيره في عدم الإفساد لتأكده بإيجاب الكفارة ، وإفساده للحج من بين سائر محظوراته ، وإيجاب الحد به إذا كان زنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية