صفحة جزء
( 2063 ) مسألة : قال : ( والكفارة عتق رقبة ، فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) المشهور من مذهب أبي عبد الله ، أن كفارة الوطء في رمضان ككفارة الظهار في الترتيب ، يلزمه العتق إن أمكنه ، فإن عجز عنه انتقل إلى الصيام ، فإن عجز انتقل إلى إطعام ستين مسكينا . وهذا قول جمهور العلماء . وبه يقول الثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي .

وعن أحمد رواية أخرى ، أنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام ، وبأيها كفر أجزأه . وهو رواية عن مالك ; لما روى مالك وابن جريج ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، { أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا } . رواه مسلم و ( أو ) حرف تخيير . ولأنها تجب بالمخالفة ، فكانت على التخيير ، ككفارة [ ص: 30 ] اليمين .

وروي عن مالك ، أنه قال : الذي نأخذ به في الذي يصيب أهله في نهار رمضان ، إطعام ستين مسكينا ، أو صيام ذلك اليوم ، وليس التحرير والصيام من كفارة رمضان في شيء . وهذا القول ليس بشيء ; لمخالفته الحديث الصحيح ، مع أنه ليس له أصل يعتمد عليه ، ولا شيء يستند إليه ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع . وأما الدليل على وجوب الترتيب فالحديث الصحيح ، رواه معمر ، ويونس ، والأوزاعي ، والليث ، وموسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر ، وعراك بن مالك ، وإسماعيل بن أمية ، ومحمد بن أبي عتيق ، وغيرهم ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال للواقع على أهله : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : } لا . وذكر سائر الحديث ، وهذا لفظ الترتيب ، والأخذ بهذا أولى من رواية مالك ; لأن أصحاب الزهري اتفقوا على روايته هكذا ، سوى مالك وابن جريج ، فيما علمنا ، واحتمال الغلط فيهما أكثر من احتماله في سائر أصحابه .

ولأن الترتيب زيادة ، والأخذ بالزيادة متعين . ولأن حديثنا لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وحديثهم لفظ الراوي ، ويحتمل أنه رواه ب ( أو ) لاعتقاده أن معنى اللفظين سواء ، ولأنها كفارة فيها صوم شهرين متتابعين ، فكانت على الترتيب ، ككفارة الظهار والقتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية