صفحة جزء
[ ص: 36 ] مسألة : قال : ( ومباح لمن جامع بالليل أن لا يغتسل حتى يطلع الفجر ، وهو على صومه ) وجملته ، أن الجنب له أن يؤخر الغسل حتى يصبح ، ثم يغتسل ، ويتم صومه ، في قول عامة أهل العلم ، منهم علي ، وابن مسعود ، وزيد ، وأبو الدرداء ، وأبو ذر ، وابن عمر ، وابن عباس ، وعائشة ، وأم سلمة رضي الله عنهم . وبه قال مالك والشافعي ، في أهل الحجاز ، وأبو حنيفة ، والثوري ، في أهل العراق والأوزاعي في أهل الشام ، والليث ، في أهل مصر ، وإسحاق ، وأبو عبيدة ، في أهل الحديث ، وداود ، في أهل الظاهر . وكان أبو هريرة يقول : لا صوم له . ويروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع عنه ، قال سعيد بن المسيب : رجع أبو هريرة عن فتياه .

وحكي عن الحسن ، وسالم بن عبد الله ، قالا : يتم صومه ويقضي . وعن النخعي في رواية : يقضي في الفرض دون التطوع . وعن عروة ، وطاوس : إن علم بجنابته في رمضان ، فلم يغتسل حتى أصبح ، فهو مفطر ، وإن لم يعلم ، فهو صائم . وحجتهم حديث أبي هريرة ، الذي رجع عنه . ولنا ما روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، قال : { ذهبت أنا وأبي حتى دخلنا على عائشة ، فقالت : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنبا ، من جماع ، من غير احتلام ، ثم يصومه } . ثم دخلنا على أم سلمة ، فقالت مثل ذلك ، ثم أتينا أبا هريرة ، فأخبرناه بذلك ، فقال : هما أعلم بذلك ، إنما حدثنيه الفضل بن عباس . متفق عليه . قال الخطابي : أحسن ما سمعت في خبر أبي هريرة أنه منسوخ ; لأن الجماع كان محرما على الصائم بعد النوم ، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر ، جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم . وروت عائشة { أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أصبح جنبا ، وأنا أريد الصيام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أصبح جنبا ، وأنا أريد الصيام ، فقال له الرجل : يا رسول الله ، إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله ، وأعلمكم بما أتقي } . رواه مالك ، في ( موطئه ) ومسلم في ( صحيحه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية