صفحة جزء
( 2127 ) مسألة : قال : ( والاختيار تأخير السحور ، وتعجيل الفطر ) الكلام في هذه المسألة في فصلين : ( 2128 ) أحدهما ، في السحور ، والكلام فيه في ثلاثة أشياء ; أحدها ، في استحبابه . ولا نعلم فيه بين العلماء خلافا . وقد روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { تسحروا ; فإن في السحور بركة } . متفق عليه .

وعن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر } . أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . وروى الإمام أحمد ، بإسناده عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { السحور بركة ، فلا تدعوه ، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين } . الثاني : في وقته . قال أحمد يعجبني تأخير السحور ; لما روى زيد بن ثابت ، قال : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة . قلت : كم كان قدر ذلك ؟ قال : خمسين آية . متفق عليه .

وروى العرباض بن سارية ، قال : { دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور ، فقال : هلم إلى الغداء المبارك } . رواه أبو داود ، والنسائي . سماه غداء لقرب وقته منه . ولأن المقصود بالسحور التقوي على الصوم ، وما كان أقرب إلى الفجر كان أعون على الصوم . قال أبو داود : قال أبو عبد الله : إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه . وهذا قول ابن عباس ، وعطاء والأوزاعي .

قال أحمد : يقول الله تعالى : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق } . قال الترمذي : هذا حديث حسن . وروى أبو قلابة قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يتسحر : يا غلام ، اخف الباب ، لا يفجأنا الصبح وقال رجل لابن عباس : إني أتسحر ; فإذا شككت أمسكت . فقال ابن عباس : كل ما شككت ، حتى لا تشك فأما الجماع فلا يستحب تأخيره ; لأنه ليس مما يتقوى به ، وفيه خطر وجوب الكفارة ، [ ص: 55 ] وحصول الفطر به .

الثالث : فيما يتسحر به . وكل ما حصل من أكل أو شرب حصل به فضيلة السحور ; لقوله عليه السلام : { ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء } . وروى أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { نعم سحور المؤمن التمر } . رواه أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية