صفحة جزء
( 2209 ) فصل : وتجب العمرة على من يجب عليه الحج ، في إحدى الروايتين ، روي ذلك عن عمر ، وابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، والحسن ، وابن سيرين ، والشعبي . وبه قال الثوري ، وإسحاق ، والشافعي في أحد قوليه . والرواية الثانية ، ليست واجبة ، وروي ذلك عن ابن مسعود وبه قال مالك ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ; لما روى جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { سئل عن العمرة ، أواجبة هي ؟ قال : لا ، وأن تعتمروا فهو أفضل } أخرجه الترمذي ، وقال : هذا حديث حسن صحيح .

وعن طلحة ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { الحج جهاد ، والعمرة تطوع } . رواه ابن ماجه . ولأنه نسك غير موقت ، فلم يكن واجبا ، كالطواف المجرد . ولنا ، قول الله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } . ومقتضى الأمر الوجوب ، ثم عطفها على الحج ، والأصل التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه . قال ابن عباس : إنها لقرينة الحج في كتاب الله . وعن الصبي بن معبد قال : { أتيت عمر فقلت : يا أمير المؤمنين ، إني أسلمت ، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأهللت بهما ، فقال عمر : هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم . } رواه أبو داود ، والنسائي . وعن أبي رزين ، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : { إن أبي شيخ كبير ، لا يستطيع الحج ، ولا العمرة ، ولا الظعن . قال : حج عن أبيك ، واعتمر } . رواه أبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . وذكره أحمد ، ثم قال : وحديث يرويه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { أوصني . قال : تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج ، وتعتمر } .

وروى الأثرم ، بإسناده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { كتب إلى أهل اليمن ، وكان في الكتاب : إن العمرة هي الحج الأصغر } . ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، ولا مخالف لهم نعلمه ، إلا ابن مسعود ، على اختلاف عنه .

وأما حديث جابر فقال الترمذي ، قال الشافعي : هو ضعيف ، لا تقوم بمثله الحجة ، وليس في العمرة شيء ثابت بأنها تطوع . وقال ابن عبد البر : روي ذلك بأسانيد لا تصح ، ولا تقوم بمثلها الحجة . ثم نحمله على المعهود ، وهي العمرة التي قضوها حين أحصروا في الحديبية ، أو على العمرة التي اعتمروها مع حجتهم ، مع النبي صلى الله عليه وسلم فإنها لم تكن واجبة على من اعتمر ، أو نحمله على ما زاد على العمرة الواحدة ، وتفارق العمرة الطواف ; لأن من شرطها الإحرام ، والطواف بخلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية